للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ مَا اسْتَحْسَنَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْهُ]

ُ] قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: لَمْ يَقُلْ الشَّافِعِيُّ بِالِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: قَالَ: وَأَسْتَحْسِنُ فِي الْمُتْعَةِ أَنْ تُقَدَّرَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ: رَأَيْتُ بَعْضَ الْحُكَّامِ يَحْلِفُ عَلَى الْمُصْحَفِ وَذَلِكَ حَسَنٌ وَقَالَ فِي مُدَّةِ الشُّفْعَةِ: وَأَسْتَحْسِنُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَالَ الْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ ": قَالَ الشَّافِعِيُّ بِالِاسْتِحْسَانِ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ، فَذَكَرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ وَزَادَ قَوْلَهُ فِي بَابِ الصَّدَاقِ: مَنْ أَعْطَاهَا بِالْخَلْوَةِ فَذَاكَ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ يَعْنِي قَوْلَهُ الْقَدِيمَ وَكَذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ: كَتَبَ قَاضٍ إلَى قَاضٍ ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَمَرَاسِيلُ سَعِيدٍ حَسَنٌ وَقَدْ أَجَابَ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ: الْإِصْطَخْرِيُّ، وَابْنُ الْقَاصِّ، وَالْقَفَّالُ، وَالسِّنْجِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ " الِاسْتِحْسَانُ حُجَّةٌ " أَيْ أَنَّهُ حَسَنٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَتْ حُجَّتُهُ كَانَ حَسَنًا - أَمَّا الْأَوَّلُ: فَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ فَاسْتَحْسَنَهُ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَقَالَ الْقَفَّالُ؛ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَدِيمِ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ فِي تَقْلِيدِ الصَّحَابَةِ وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ": إنَّمَا اسْتَحَبَّ الْفَضْلَ وَلَمْ يُوجِبْهُ وَإِنَّمَا يُنْكَرُ الْقَضَاءُ بِالِاسْتِحْسَانِ، فَأَمَّا أَنْ يُسْتَحَبَّ الْكَرَمُ وَالزِّيَادَةُ فَلَا يُنْكَرُ - وَأَمَّا الثَّانِي: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ فَعَلَاهُ، وَأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ إرْهَابٌ وَزَجْرٌ عَنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، وَالتَّحْلِيفُ بِالْمُصْحَفِ تَعْظِيمٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ تَغْلِيظًا بِالْيَمِينِ كَمَا غَلُظَتْ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الشَّرِيفَيْنِ وَقَالَ الْقَفَّالُ: هَذَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَلْبَتَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>