وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ مِنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ إلَى وُقُوعِهِ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ احْتِجَاجًا بِقِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ، حَكَاهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَلْزَمَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ أَيْضًا، فَإِنَّهُ احْتَجَّ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ بِقِصَّةِ قُبَاءَ. وَفَصَلَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ "، وَالْغَزَالِيُّ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ، وَالْقُرْطُبِيُّ بَيْنَ زَمَانِ الرَّسُولِ وَمَا بَعْدَهُ، فَقَالَا: بِوُقُوعِهِ فِي زَمَانِهِ. وَكَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الثَّابِتَ قَطْعًا لَا يَنْسَخُهُ مَظْنُونٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِزَمَانِ الرَّسُولِ. وَكَأَنَّ الْفَارِقَ أَنَّ الْأَحْكَامَ فِي زَمَانِ الرَّسُولِ فِي مَعْرِضِ التَّغَيُّرِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ مُسْتَقِرَّةٌ، فَكَانَ لَا قَطْعَ فِي زَمَانِهِ.
[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ]
وَأَمَّا نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ آحَادًا فَقَدْ سَبَقَ الْمَنْعُ، وَكَرَّرَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ نَقْلَ الِاتِّفَاقِ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَاتِرَةً فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ، كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَابْنُ بَرْهَانٍ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ فِي " شَرْحِ مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ ": إلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ. وَكَانَ يَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute