وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّ جَمِيعَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ الِاتِّفَاقُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِمَا فِيهِمَا، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِمَا مَظْنُونُ الصِّحَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْنَا الْقَطْعَ، وَلِذَلِكَ يَجِبُ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ تُفِدْ إلَّا الظَّنَّ.
[مَسْأَلَةٌ إجْمَاعُهُمْ عَلَى الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ لَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْخَبَرِ]
ِ] أَمَّا إجْمَاعُهُمْ عَلَى الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِ الْخَبَرِ، فَلَا يَقْتَضِي صِحَّتَهُ فَضْلًا عَنْ الْقَطْعِ بِهِ، فَقَدْ يَعْمَلُونَ عَلَى وَفْقِهِ بِغَيْرِهِ. جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ " فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. أَمَّا إذَا افْتَرَقَتْ الْأُمَّةُ شَطْرَيْنِ، شَطْرٌ قَبِلُوهُ، وَعَمِلُوا بِمُقْتَضَاهُ، وَالشَّطْرُ الْآخَرُ اشْتَغَلَ بِتَأْوِيلِهِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى وَجْهِ الْقَطْعِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، كَمَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي اللُّمَعِ " يَقْتَضِي أَنَّهُ يُفِيدُ الْقَطْعَ، فَإِنَّهُ قَالَ: خَبَرُ الْوَاحِدِ إذَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ، سَوَاءٌ عَمِلَ الْكُلُّ بِهِ أَوْ الْبَعْضُ وَتَأَوَّلَهُ الْبَعْضُ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute