قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ: هَكَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَقَدْ حُكِيَتْ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ بَيَّنَ فِي كِتَابِ التَّقْرِيبِ " أَنَّ الْأُمَّةَ إذَا أَجْمَعَتْ أَوْ أَجْمَعَ أَقْوَامٌ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ فِيهِمْ التَّوَاطُؤُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صِدْقٌ - كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى الصِّدْقِ. قَالَ: فَهَذَا عَكْسُ مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: إنَّهُمْ لَوْ نَطَقُوا بِهَذَا عَنْ أَمْرٍ عَلِمُوهُ، ذَلِكَ كَلَامٌ لَا يَسْتَنِدُ لِأَنَّا لَا نُطَالِبُ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ بِمُسْتَنِدِ إجْمَاعِهِمْ. وَقَالَ: وَلَعَلَّ مَا حَكَاهُ الْإِمَامُ فِيمَا إذَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَلَكِنْ لَمْ يَحْصُلْ إجْمَاعٌ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُخْبِرِ، فَهَذَا وَجْهُ الْجَمْعِ. اهـ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَأْبَاهُ. وَجَزَمَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ " بِصِحَّةِ مَا إذَا تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ، قَالَ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَجْمَعَتْ عَلَى الْعَمَلِ بِمُوجَبِ الْخَبَرِ لِأَجْلِهِ، هَلْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّتِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا عَمِلَ بِمُوجَبِهِ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ، وَأَنْكَرُوا عَلَى مَنْ عَدَلَ عَنْهُ، فَهَلْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَقِيَامِ الْحُجَّةِ بِهِ كَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَعُبَادَةَ فِي الرِّبَا، وَتَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ. فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً بِذَلِكَ، وَذَهَبَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ إلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حُجِّيَّتِهِ. قَالَ: فَهَذَا فَرْعُ الْكَلَامِ فِي خِلَافِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، هَلْ يَكُونُ خِلَافًا مُعْتَدًّا بِهِ؟ وَالصَّحِيحُ الِاعْتِدَادُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا أَنْ لَا يَدُلَّ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute