فَلَا يَكُونُ لَنَا، وَاحْتَجَّ بِهَا فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِأَنَّهُ اسْتِيعَابُهُمْ وَاجِبٌ، وَسِيَاقُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: ٥٨] فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا رَأَى بَعْضَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ يُحَاوِلُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا، وَيَسْخَطُ إذَا لَمْ يُعْطَ يُقْطَعُ طَمَعَهُ بِبَيَانِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا غَيْرُهُ، وَهُمْ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي كِتَابِ الْإِمَامِ ": السِّيَاقُ يُرْشِدُ إلَى تَبْيِينِ الْمُجْمَلَاتِ، وَتَرْجِيحِ الْمُحْتَمَلَاتِ، وَتَقْرِيرِ الْوَاضِحَاتِ. وَكُلُّ ذَلِكَ بِعُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ. فَكُلُّ صِفَةٍ وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ كَانَتْ مَدْحًا، وَإِنْ كَانَتْ ذَمًّا بِالْوَضْعِ. وَكُلُّ صِفَةٍ وَقَعَتْ فِي سِيَاقِ الذَّمِّ كَانَتْ ذَمًّا وَإِنْ كَانَتْ مَدْحًا بِالْوَضْعِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: ٤٩] .
[قَوْلُ الصَّحَابِيِّ]
ِّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَحَابِيٍّ آخَرَ مُجْتَهِدٍ، إمَامًا أَوْ حَاكِمًا أَوْ مُفْتِيًا. نَقَلَهُ الْقَاضِي، وَتَبِعَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، مِنْهُمْ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا. فَإِنْ قِيلَ: يَقْدَحُ فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي بَعْضِ أَقْوَالِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فَالتَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الْخُلَفَاءِ أَوْلَى. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ الِاحْتِجَاجُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute