إذَا فَرَغَ مِنْ الْعُمْرَةِ أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، لِأَنَّهُ بِهِ يُسَمَّى مُتَمَتِّعًا. وَقَالَ مَالِكٌ: مَا لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ لَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ بِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَا لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. وَالدَّلِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] فَنَحْنُ نَقُولُ: كَلِمَةُ " إلَى " لِلْغَايَةِ، فَيُكْتَفَى بِأَوَّلِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِيعَابُ، وَالْخَصْمُ يَشْرِطُهُ، وَمَبْنَى حَمْلِنَا قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] فَإِنَّ اسْتِيعَابَ جَمِيعِ اللَّيْلِ لَا يَكُونُ شَرْطًا، فَكَذَا هُنَا.
[النَّوْعُ الْعَاشِرُ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ]
ِ، نَحْوُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا عَالِمَ فِي الْبَلَدِ إلَّا زَيْدٌ، وَنَحْوُ: مَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدٌ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ ضِدِّ الْحُكْمِ السَّابِقِ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِلْمُسْتَثْنَى، فَإِنْ كَانَتْ الْقَضِيَّةُ السَّابِقَةُ نَفْيًا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مُثْبَتًا، أَوْ إثْبَاتًا كَانَ مَنْفِيًّا.
وَقَدْ اعْتَرَفَ بِهِ أَكْثَرُ مُنْكِرِي الْمَفْهُومِ، كَالْقَاضِي، وَالْغَزَالِيِّ، وَأَصَرَّتْ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا عَمَلَ لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَنْفِيِّ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ الثُّبُوتُ فَقَطْ، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ، فِي بَابِ التَّخْصِيصِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي دَلَالَةِ النَّفْيِ وَالِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الثُّبُوتِ: قِيلَ: بِالْمَفْهُومِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا بِالْمَنْطُوقِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَا لَهُ عَلَيَّ إلَّا دِينَارٌ، كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالدِّينَارِ حَتَّى يُؤَاخَذَ بِهِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ مَنْطُوقٌ لَمَا ثَبَتَتْ الْمُؤَاخَذَةُ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمَفْهُومِ لَا تُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute