[مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ هَلْ يُسَمَّى أَمْرًا]
وَعِبَارَةُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ هَلْ يُسَمَّى أَمْرًا عَلَى قَوْلَيْنِ. انْتَهَى. وَفِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ " عَنْ الشَّرِيفِ الْمُرْتَضَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي طَلَبِ الْفِعْلِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّهْدِيدِ وَالتَّحْذِيرِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى بِضْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ مَجَازٌ فِي الْبَوَاقِي، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ. قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ ". أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ عَلَى وِفَاقِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِعِبَارَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فِي كُتُبِهِ حَتَّى اعْتَصَمَ الْقَاضِي بِأَلْفَاظٍ لَهُ مِنْ كُتُبِهِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهَا مَصِيرَهُ إلَى الْوَقْفِ، وَهَذَا عُدُولٌ عَنْ سُنَنِ الْإِنْصَافِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ وَالْمَأْثُورَ مِنْ مَذْهَبِهِ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الْوُجُوبِ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِمُجَرَّدِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ ": وَمَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ عَلَى التَّحْرِيمِ حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى [غَيْرِ] ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ يَعْنِي: الشَّافِعِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ كَثِيرٍ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَالنَّهْيِ وَأَنَّهُمَا عَلَى الْوُجُوبِ إلَى أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، فَقَدْ قَطَعَ الْقَوْلَ فِي النَّهْيِ أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَسَوَّى بَيْنَ الْأَمْرِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَالثَّانِي. وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْوُجُوبَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي الْأَمْرِ كَتَصْرِيحِهِ إيَّاهُ فِي النَّهْيِ. فَجُمْلَتُهُ: أَنَّ ظَاهِرَ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَمْرَ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْوُجُوبِ إلَى أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ خَيْرَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute