قَالَ الْقَفَّالُ فِي " مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ ": وَمِمَّا تُعْرَفُ بِهَا الْآكَدِيَّةُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَوَاقِعِ الشُّكْرِ، فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا أَدَاؤُهُ فِي جَمَاعَةٍ، فَيَكُونُ آكَدَ مِمَّا شَرَعَهُ مُنْفَرِدًا؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ شَعَائِرِ الْفَرَائِضِ. وَمِنْهَا التَّوْقِيتُ، فَالْفِعْلُ الْمُؤَقَّتُ أَفْضَلُ مِمَّا لَا وَقْتَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ مِنْ مَعَالِمِ الْفُرُوضِ. وَجُعِلَ مِنْهُ الْوِتْرُ وَالرَّوَاتِبُ، وَمَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَهُ فِي الرُّتْبَةِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي " النِّهَايَةِ " مِنْ أَسْبَابِ الْآكَدِيَّةِ أَنَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ آكَدُ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَهَذَا خَارِجٌ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ. وَتُعْرَفُ الْإِبَاحَةُ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ وَتَنْتَفِي نَدْبِيَّتُهُ وَوُجُوبُهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، فَيُعْرَفُ أَنَّهُ مُبَاحٌ: قَالَ فِي الْمَحْصُولِ: وَبِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ رَاجِحَ التَّرْكِ، فَيُعْلَمُ أَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ رَاجِحِ التَّرْكِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ رُجْحَانِ الْفِعْلِ فَثَبَتَتْ الْإِبَاحَةُ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَبِأَنْ يَفْعَلَهُ بَعْدَ نَهْيٍ مِنْهُ، فَيُعْلَمُ زَوَالُ النَّهْيِ. وَمِثْلُهُ بِأَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ قُعُودًا خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ، ثُمَّ صَلَّى قَاعِدًا، وَالنَّاسُ قِيَامٌ خَلْفَهُ. قَالَ: وَهَذَا إنَّمَا يَقَعُ فِي السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ.
[مَسْأَلَةٌ مَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ مَرَّةً وَاحِدَةً]
مَسْأَلَةٌ مَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً وَاحِدَةً يَأْتِي بِهِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ. فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ فِي شَيْءٍ يَتَكَرَّرُ فِعْلُهُ كَثِيرًا، فَيَفْعَلُهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ عَلَى الْوَجْهِ [الْجَائِزِ] ؛ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَيُوَاظِبُ غَالِبًا عَلَى فِعْلِهِ عَلَى أَكْمَلِ وُجُوهِهِ، كَالْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا [كُلُّهُ ثَابِتٌ، وَالْكَثِيرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَأَمَّا الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ، وَإِنَّمَا] جَرَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute