للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا) : مَا يَعْتَادُونَهُ فِي أَكْلِهِمْ وَشُرْبِهِمْ وَلِبَاسِهِمْ وَنَحْوِهِ، فَلَا كَلَامَ فِيهِ، لِأَنَّ هَذَا تَابِعٌ لِلْمَقَاصِدِ لَا حَجْرَ فِيهِ. (وَالثَّانِي) : مَا اعْتَادُوهُ فِي دِيَانَاتِهِمْ. وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ، فَلَيْسَ هَؤُلَاءِ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمْ إلَّا بِدَلِيلٍ، كَقَوْمٍ أَلِفُوا مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي بَلْدَةٍ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةً لِجَمِيعِ النَّاسِ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ مُسْتَفِيضًا فَهَذَا لَا يَجُوزُ خِلَافُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيضُ بَيْنَهُمْ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ إلَّا وَهُوَ مُبَاحٌ أَوْ مُوجَبٌ، عَلَى حَسَبِ مَا يُلْزِمُونَهُ أَنْفُسَهُمْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْأَغْلَبِ فَلَيْسَ حُجَّةً. قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَحْكَامَ وَقَعَتْ عَلَى الْعَادَاتِ فَغَلَطٌ، بَلْ هِيَ مُبْتَدَأَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ. .

[دَلَالَةُ السِّيَاقِ]

ِ أَنْكَرَهَا بَعْضُهُمْ، وَمَنْ جَهِلَ شَيْئًا أَنْكَرَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي مَجَارِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ احْتَجَّ بِهَا أَحْمَدُ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْوَاهِبَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ مِنْ حَدِيثِ «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» حَيْثُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الرُّجُوعِ. إذْ قَيْءُ الْكَلْبِ لَيْسَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ فِيهِ: لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السُّوءِ، «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ» الْحَدِيثُ. وهَذَا مَثَلُ سَوْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>