[الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي تَخْصِيصِ الْمَظْنُونِ بِالْقَطْعِ]
يَجُوزُ تَخْصِيصُ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْقُرْآنِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَبَرُ مُتَوَاتِرًا هَاهُنَا، وَأَمْثِلَتُهُ عَزِيزَةٌ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ» فَإِنَّهُ خُصَّ مِنْهُ الصُّوفُ وَالشَّعْرُ وَالْوَبَرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} [النحل: ٨٠] قُلْت: هَذِهِ إنْ جَعَلْنَا الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ: «حُبِّبَ إلَيْهِ الْغَنَمُ وَالْإِبِلُ» ، فَإِنْ اعْتَبَرْنَا خُصُوصَ السَّبَبِ فَلَيْسَ الْحَدِيثُ عَامًّا، وَكَذَا قَوْلُهُ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» فَإِنَّهُ خُصَّ مِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: ٢٩] وَكَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ» فَإِنَّهُ خُصَّ مِنْ الْكَلَامِ سَبْقُ اللِّسَانِ بِالْيَمِينِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] وَكَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» مُخَصَّصٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥]
[مَسْأَلَةٌ يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْقِيَاسِ]
مَسْأَلَةٌ
يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِالْقِيَاسِ، وَفِي هَذَا الْخِلَافُ أَيْضًا، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ فِي " الْبُرْهَانِ " وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ: قَالَا: وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ هُنَا التَّوَقُّفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute