قِيلَ: وَيَجِيءُ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِهِ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩] {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ} [يونس: ٤٦] قَالُوا: هِيَ فِيهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ صِفَةُ ذَاتٍ، وَهِيَ قَدِيمَةٌ، وَالتَّعْقِيبُ بِالتَّرَاخِي لَا يُوصَفُ بِهِ الْقَدِيمُ. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا صِفَةُ فِعْلٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ. وَقَدْ تَأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِوَاءِ هُنَا الِاسْتِعَارَةُ فَإِنَّهُ - تَعَالَى - فَرَغَ مِنْ إكْمَالِ الْخَلِيقَةِ وَأَمَرَ وَنَهَى وَكَلَّفَ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَالْمُرَادُ الْإِشَارَةُ إلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ إكْمَالِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ هَذَا الْمَعْنَى فَيَصِحُّ فِيهِ التَّعْقِيبُ.
[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي إنَّمَا]
إنَّمَا: وَالْكَلَامُ فِيهَا فِي مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ: هَلْ هِيَ تُفِيدُ الْحَصْرَ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ. وَإِذَا قُلْنَا: تُفِيدُهُ، فَهَلْ هُوَ بِالْمَنْطُوقِ يَعْنِي أَنَّهَا وُضِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ مَعًا أَيْ: لِإِثْبَاتِ الْمَذْكُورِ وَنَفْيِ مَا عَدَاهُ أَوْ لِلْإِثْبَاتِ خَاصَّةً وَلِلنَّفْيِ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ؟ قَوْلَانِ. وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّبْصِرَةِ " قَالَ: مَعَ نَفْيِهِ الْقَوْلَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ لَكِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ فِي أَقْضِيَةِ الْحَاوِي " نَقَلَ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ حُكْمَ مَا عَدَا الْإِثْبَاتَ مَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ مِنْ الِاحْتِمَالِ. وَبِالثَّانِي قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ وَذَكَرَاهُ فِي بَحْثِ الْمَفَاهِيمِ، وَقَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي التَّقْرِيبِ ": إنَّهُ الصَّحِيحُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute