للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَبُهُ مُتَقَدِّمًا، كَإِبَاحَةِ الْوَطْءِ فِي الزَّوْجَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْحَيْضِ وَانْقِطَاعِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى عَقْدِ النِّكَاحِ الْمُتَقَدِّمِ. وَكَذَا تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ زَوَالِ الضَّرُورَةِ مُسْتَنِدٌ إلَى السَّبَبِ الْأَوَّلِ. وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ، فَالسِّرُّ فِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ تَارَةً يَنْتَفِي لِانْتِقَاءِ الْمُقْتَضَى بِكَمَالِهِ، أَوْ لِانْتِفَاءِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَتَارَةً يَنْتَفِي لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ، فَإِذَا كَانَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْمُقْتَضَى بِحَالِهِ فَحُدُوثُ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ إلَّا لِانْتِفَاءِ سَبَبِهِ، وَإِذَا كَانَ الِانْتِفَاءُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَحُدُوثُ الْحُكْمِ لَا يَكُونُ لِحُدُوثِ سَبَبِهِ، بَلْ يَكُونُ لِحُدُوثِ جُزْءِ السَّبَبِ، أَوْ لِحُدُوثِ الشَّرْطِ، أَوْ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. وَجَوَابُهُ: أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا حُدُوثَ الْحُكْمِ مَعَ تَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَانَ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُقَدَّرَ أَنَّ ثُبُوتَ السَّبَبِ يَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ، وَلِهَذَا صَحَّ الِاسْتِدْلَال بِثُبُوتِ السَّبَبِ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ.

[الْمَسْلَكُ السَّابِعُ الشَّبَهُ]

ُ وَيُسَمِّيه بَعْضُ الْفُقَهَاءِ " الِاسْتِدْلَال بِالشَّيْءِ عَلَى مِثْلِهِ " وَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ، إذْ الشَّبَهُ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ كُلَّ قِيَاسٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَوْنِ الْفَرْعِ شَبِيهًا بِالْأَصْلِ، بِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا. إلَّا أَنَّ الْأُصُولِيِّينَ اصْطَلَحُوا عَلَى تَخْصِيصِ هَذَا الِاسْمِ بِنَوْعٍ مِنْ الْأَقْيِسَةِ، وَهُوَ مِنْ أَهَمِّ مَا يَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرْدِ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِبْيَارِيُّ: لَسْت أَرَى فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ مَسْأَلَةً أَغْمَضَ مِنْ هَذِهِ.

وَفِيهِ مَقَامَانِ:

[الْمَقَامُ] الْأَوَّلُ: فِي تَعْرِيفِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ. وَالصَّحِيحُ إمْكَانُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>