وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقِيلَ: هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِوَصْفٍ يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمُفْضِيَةِ لِلْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ. كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ: طَهَارَتَانِ فَأَنَّى تَفْتَرِقَانِ؟ قَالَ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي. قَالَ: فَفِي الْقِيَاسِ الْمَعْنَوِيِّ تَعْيِينُ الْمَعْنَى الْمُؤَثِّرِ الْمُنَاسِبِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ، وَفِي قِيَاسِ الشَّبَهِ لَا تَعْيِينَ، بَلْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِوَصْفٍ يُوهِمُ الْمُنَاسِبَ. وَأَمَّا الطَّرْدُ فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ الطَّرْدِ، وَهُوَ السَّلَامَةُ عَنْ النَّقْضِ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَصْفَى: الشَّبَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الطَّرْدِ بِمُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ لِعِلَّةِ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يُنَاسِبْ الْحُكْمَ بِأَنْ يُقَرِّرَ بِأَنَّ لِلَّهِ فِي كُلِّ حُكْمٍ سِرًّا، وَهُوَ مَصْلَحَةٌ مُنَاسِبَةٌ لِلْحُكْمِ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَى عَيْنِ تِلْكَ الْعِلَّةِ وَلَكِنْ نَطَّلِعُ عَلَى وَصْفٍ يُوهِمُ الِاشْتِمَالَ عَلَى تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا بِقِيَاسِ الشَّبَهِ هَذَا فَلَا أَدْرِي مَا أَرَادُوا بِهِ وَبِمَاذَا فَصَلُوهُ مِنْ الطَّرْدِ الْمَحْضِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّبَهَيَّ وَالطَّرْدِيَّ يَجْتَمِعَانِ فِي عَدَمِ الظُّهُورِ الْمُنَاسِبِ، وَيَتَخَالَفَانِ فِي أَنَّ الطَّرْدِيَّ عُهِدَ مِنْ الشَّارِعِ عَدَمُ الِالْتِفَاتِ إلَيْهِ، وَسُمِّيَ شَبَهًا لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُنَاسَبَةِ يَجْزِمُ الْمُجْتَهِدُ بِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ، وَمِنْ حَيْثُ اعْتِبَارِ الشَّرْعِ لَهُ فِي بَعْضُ الصُّوَرِ يُشْبِهُ الْمُنَاسِبَ، فَهُوَ بَيْنَ الْمُنَاسِبِ وَالطَّرْدِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute