الثَّانِي:
سَبَقَ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ نَقْلُ التَّعْمِيمِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ: إذَا نَصَّ الشَّارِعُ عَلَى الْعِلَّةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلَهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَعُمَّ الْحُكْمُ إذْ لَوْ اخْتَصَّ الْحُكْمُ لَوَجَبَ أَنْ تَخْتَصَّ الْعِلَّةُ، وَوَضْعُ التَّعْلِيلِ يُنَاقِضُهُ الِاخْتِصَاصُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُوَافَقَةٌ لِلنَّظَّامِ لَكِنَّ مَأْخَذَهُ خِلَافُ مَأْخَذِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِامْتِنَاعِ تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ، وَلَيْسَ يَرَى أَنَّ النَّصَّ عَلَى التَّعْلِيلِ نَصٌّ عَلَى التَّعْمِيمِ، وَلَكِنَّ هَذَا عِنْدَهُ مِنْ ضَرُورَةِ فَهْمِ التَّعْلِيلِ وَهُوَ يَمْنَعُ النَّصَّ عَلَى التَّعْلِيلِ مَعَ النَّصِّ عَلَى التَّخْصِيصِ. وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ إطْلَاقِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُوَافِقِينَ لِلنَّظَّامِ عَلَى ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ اسْتِعْمَال الْقِيَاسُ إذَا عُدِمَ النَّصُّ]
مَسْأَلَةٌ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ الْقِيَاسُ إذَا عُدِمَ النَّصُّ
وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي آخِرِ " الرِّسَالَةِ ": الْقِيَاسُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْقِيَاسُ وَالْخَبَرُ مَوْجُودٌ، كَمَا يَكُونُ التَّيَمُّمُ طَهَارَةً عِنْدَ الْإِعْوَازِ مِنْ الْمَاءِ، وَلَا يَكُونُ طَهَارَةً إذَا وُجِدَ الْمَاءُ انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَجَبَ الْقِيَاسُ فِيهَا وَإِلَّا جَازَ. وَهَلْ يُعْمَلُ بِهِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمَنْصُوصِ وَجَمِيعِ دَلَالَتِهَا؟ لِلْمَسْأَلَةِ أَحْوَالٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُرِيدَ الْعَمَلَ بِهِ قَبْلَ طَلَبِ الْحُكْمِ مِنْ النُّصُوصِ الْمَعْرُوفَةِ، فَيَمْتَنِعُ قَطْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute