وَنَقَلَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ عِيسَى الْوَرَّاقِ أَنَّهُ إذَا أَجْمَعَ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى حُكْمٍ جَازَ أَنْ يُخَالِفَهُمْ فِيهِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي الْإِجْمَاعِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَنْ وَافَقَهُمْ، وَذَهَبَ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي شَرِيعَتِهِ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي شُرُوطِهِ.
[الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ مَا ثَبَتَ بِهِ حُجِّيَّةُ الْإِجْمَاعِ]
ِ] . الْخَامِسُ: فِي أَنَّهُ ثَبَتَتْ حُجَّتُهُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ: دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ السَّمْعُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ ": إنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَمَنَعُوا ثُبُوتَهُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ وَإِنْ بَعُدَ فِي الْعَقْلِ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَلَا يَبْعُدُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْخَطَأِ، كَاجْتِمَاعِ الْكُفَّارِ عَلَى جَحْدِ النُّبُوَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ، وَلَا الِاسْتِدْلَال عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ، فَإِنَّهُ مَظْنُونٌ، وَلَا يُحْتَجُّ بِالْمَظْنُونِ عَلَى الْقَطْعِيِّ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ " الْبَغْدَادِيَّةِ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ بِالْإِجْمَاعِ. فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute