للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُؤَوِّلٌ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، وَأَوَّلَ قَوْلَنَا: " مَا كُلُّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً، وَلَا كُلُّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً ". بِحَذْفِ الْمُضَافِ، فَاللَّفْظُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الصَّوَابِ. غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ وَقَعَ فِي وَجْهِ جَوَازِهِ. فَقَائِلٌ يَقُولُ: هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِلْغَاءِ عَمَلِهِ، وَهُوَ جَائِزٌ. وَقَائِلٌ يَقُولُ: هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَطْفِ عَلَى عَامِلَيْنِ وَهُوَ جَائِزٌ. فَالِاتِّفَاقُ وَقَعَ عَلَى الْجَوَازِ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّتِهِ، وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً لَفْظِيَّةً اللَّهُمَّ إلَّا إذَا بُيِّنَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَائِدَةٌ بِأَنْ يَكُونَ الْجَوَازُ صَحِيحًا بِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، فَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ الْمُحَقَّقَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ، فَانْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ مَبَاحِثِ النَّحْوِيِّينَ.

[الثَّالِثَةُ الْأَفْعَالُ بِاعْتِبَارِ تَعْلِيقِهَا بِمَفْعُولَاتِهَا عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَعَدَمِهِ]

ِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا يُسْتَوْعَبُ لَيْسَ إلَّا، نَحْوَ اشْتَرَيْت الدَّارَ، وَأَكَلْت الرَّغِيفَ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْبَعْضِ إلَّا مَجَازًا. قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ فِي تَفْسِيرِهِ الْكَبِيرِ ": وَمِنْ ثَمَّ أَشْكَلَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَحْنِيثِ الْحَالِفِ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إلْزَامٌ لَهُ بِمُقْتَضَى خِلَافِ حَقِيقَةِ لَفْظِهِ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَجَازَ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَرَدْته فَاحْمِلُوا لَفْظِي عَلَى الْحَقِيقَةِ، أَوْ عَسَى أَنَّ مُكَلَّفًا قَدَّرَ الْجُمْلَةَ فِي الْمَعْنَى بِالْأَجْزَاءِ فَكَانَ مَعْنَى لَفْظِهِ عِنْدَهُ لَا أَكَلْت جُزْءًا مِنْ الرَّغِيفِ. وَأُخِذَ ذَلِكَ فِي أَجْوِبَةِ الدَّعَاوَى فِيمَا إذَا قَالَ: لَا تُسْتَحَقُّ عَلَيَّ الْعَشَرَةُ، فَإِنَّ مَحْمَلَ النَّفْيِ عَلَى الْأَجْزَاءِ أَيْ: وَلَا شَيْءَ مِنْهَا، وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ فِي أَجْوِبَةِ الدَّعَاوَى، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>