للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ: احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ بِأَنَّ تَقَدُّمَ الْحَظْرِ قَرِينَةٌ صَرَفَتْ لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ. وَعَارَضَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ، فَقَالَ: إذَا رَاعَيْتُمْ الْحَظْرَ الْمُتَقَدِّمَ وَجَعَلْتُمُوهُ قَرِينَةً صَارِفَةً لَهُ عَنْ مُقْتَضَاهُ، فَكَانَ مِنْ حَقِّكُمْ أَنَّهُ يَكُونُ تَهْدِيدًا وَوَعِيدًا وَيَكُونُ قَرِينَةُ الْحَظْرِ صَارِفَةً لَهُ إلَى التَّهْدِيدِ حَتَّى تَكُونَ الْقَرِينَةُ مُبَيِّنَةً لِحُكْمٍ مِنْ جِنْسِهَا، ثُمَّ يَلْزَمُهُمْ النَّهْيُ إذَا وَرَدَ بَعْدَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ الْمُتَقَدِّمُ قَرِينَةً تَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ إلَى الْكَرَاهَةِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ: بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ عَلَى التَّهْدِيدِ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَقْصُودُ الْأَمْرِ فَحُمِلَ عَلَى الْإِبَاحَةِ مُرَاعَاةً لَهُ، وَصُرِفَ عَنْ الْوُجُوبِ مُرَاعَاةً لِلْقَرِينَةِ. وَلِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يَقُولَ مَا رَاعَى الْأَمْرَ فَلَا بُدَّ مِنْ جَوَابٍ صَحِيحٍ. الْخَامِسُ: قِيلَ: يُحْتَاجُ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ فَإِذَا جَازَ وَجَبَ كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْجَزْمِ بِأَنَّهُ لِلْوُجُوبِ. قُلْنَا: الْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ مَفْرُوضَةٌ فِي شَيْءٍ كَانَ مَمْنُوعًا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَالْأُصُولِيَّةُ فِيمَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ.

[مَسْأَلَةٌ النَّهْيُ الْوَارِدُ بَعْدَ الْإِبَاحَةِ]

ِ] أَمَّا النَّهْيُ الْوَارِدُ بَعْدَ الْإِبَاحَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهُوَ كَالنَّهْيِ الْمُطْلَقِ بِلَا خِلَافٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>