للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ

لَا يُشْتَرَطُ فِي النَّاسِخِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْمَنْسُوخِ فِي التِّلَاوَةِ. وَهَذَا كَالْآيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْبَقَاءِ بِالْبَيْتِ سُنَّةٌ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الدَّالَّةِ عَلَى الْبَقَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، لِأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ فِي النُّزُولِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَلَكِنَّ كِتَابَتَهَا فِي الْمُصْحَفِ جَاءَتْ عَلَى خِلَافِ مَا وَقَعَ بِهِ النُّزُولُ، كَذَلِكَ نَقَلَهُ الْمُفَسِّرُونَ وَشَبَّهُوهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: ١٤٢] وَهَذَا نَزَلَ بَعْدَ أَنْ تَوَلَّوْا عَنْ الْقِبْلَةِ الْأُولَى، وَتَوَجَّهُوا إلَى الْكَعْبَةِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: ١٤٤] وَقَوْلُهُ: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَوَّلْ بَعْدُ. وَقَوْلُهُ: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} نَزَلَ قَبْلَ التَّحْوِيلِ، وَقَوْلُهُ: {مَا وَلَّاهُمْ} نَزَلَ بَعْدَ التَّحْوِيلِ، فَلَمْ يَأْتِ التَّرْتِيبُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مُقْتَضَى النُّزُولِ، فَتَفَهَّمَ هَذَا الْفَصْلَ فَإِنَّهُ دَقِيقُ الْمَسْأَلَةِ، عَزِيزُ الْأَمْثِلَةِ.

[مَسْأَلَةٌ نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ]

لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِمِثْلِهَا، وَالْآحَادِ بِالْآحَادِ، وَالْآحَادِ بِالْمُتَوَاتِرِ، وَأَمَّا نَسْخُ الْمُتَوَاتِرِ سُنَّةً أَوْ قُرْآنًا بِالْآحَادِ، فَالْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>