لَا الْيَهُودِيَّةُ وَلَا النَّصْرَانِيَّةُ، وَمَنْ تَعَجَّلَ خَيْرًا فَلَنْ يُكْفَرْ» . قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. هَكَذَا ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا الْقِسْمَ فِي " الْحَاوِي "، وَمَثَّلَهُ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ. وَقَالَ: هَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ حَقِيقَةً وَلَا يَدْخُلُ فِي حَدِّهِ، وَعَدَّهُ غَيْرُهُ مِمَّا نُسِخَ لَفْظُهُ وَبَقِيَ مَعْنَاهُ. وَعَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ " مِمَّا نُسِخَ خَطُّهُ وَحُكْمُهُ، وَحِفْظُهُ يُنْسَى مَعَ رَفْعِ خَطِّهِ مِنْ الْمُصْحَفِ، وَلَيْسَ حِفْظُهُ عَلَى وَجْهِ التِّلَاوَةِ، وَلَا يُقْطَعُ بِصِحَّتِهِ عَنْ اللَّهِ، وَلَا يَحْكُمُ بِهِ الْيَوْمَ أَحَدٌ. قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ كَانَتْ نَحْوَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْأَعْرَافِ.
السَّادِسُ: نَاسِخٌ صَارَ مَنْسُوخًا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا لَفْظٌ مَتْلُوٌّ، كَالْمَوَارِيثِ بِالْحَلِفِ وَالنُّصْرَةِ، نُسِخَ بِالتَّوَارُثِ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ، ثُمَّ نُسِخَ التَّوَارُثُ بِالْهِجْرَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَهَذَا يَدْخُلُ فِي النَّسْخِ مِنْ وَجْهٍ، ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ تَكَلُّفٌ، وَلَيْسَ يَتَحَقَّقُ فِيهِمَا النَّسْخُ. وَجَعَلَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ التَّوْرِيثَ بِالْهِجْرَةِ مِنْ قِسْمِ مَا عُلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ نَاسِخُهُ. قَالَ: وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤] فَهُوَ مَنْسُوخٌ لَا نَدْرِي نَاسِخَهُ. وَقِيلَ نَاسِخُهُ: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦] . وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي وُجُوهِ النَّسْخِ فِي الْقُرْآنِ شَيْئًا أُنْسِيَ فَرُفِعَ بِلَا نَاسِخٍ يُعْرَفُ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ رَسْمٌ وَلَا حُكْمٌ، مِثْلُ مَا رُوِيَ أَنَّ سُورَةَ الْأَحْزَابِ كَانَتْ تَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَرُفِعَتْ. قَالَ: وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ، أَمَّا نَسْخُ السُّنَّةِ فَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا الرَّسْمُ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute