للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَظْهَرُ، وَإِنَّمَا التَّحْقِيقُ فِي هَذَا عَلَى الصِّفَةِ فَأَمَّا قَوْلُهُ {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: ٥] {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا} [الشمس: ٦] فَهِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى الصِّفَةِ فَإِنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً وَصِفَاتٍ فَإِذَا كَنَّيْت عَنْ الِاسْمِ فَبِمَنْ، وَإِذَا كَنَّيْت عَنْ الصِّفَةِ فَبِمَا، فَكَأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا: وَالسَّمَاءِ وَخَالِقِهَا وَبَانِيهَا فَأُوقِعَتْ " مَا " مَكَانَ الْخَالِقِ وَالْبَارِئِ مِنْ الصِّفَاتِ. وَلَوْ قِيلَ: السَّمَاءُ وَمَنْ بَنَاهَا لَقُلْنَا كَانَ الْأَصْلُ وَالسَّمَاءُ وَاَلَّذِي بَنَاهَا فَأَوْقَعَ " مَنْ " فِي مَكَانِ اسْمِهِ - تَعَالَى - وَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا مَصْدَرِيَّةٌ فَإِنَّهَا حَرْفٌ، وَالْحَرْفُ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ ضَمِيرٌ، وَقَدْ عَادَ هُنَا الضَّمِيرُ عَلَى " مَا " مِنْ قَوْلِهِ: بَنَاهَا. وَمِنْ الثُّلَاثِيِّ فَأَكْثَرَ.

[مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي بَلَى]

: بَلَى وَهِيَ جَوَابٌ لِلنَّفْيِ سَوَاءٌ كَانَ النَّفْيُ عَارِيًّا مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِفْهَامِ نَحْوَ بَلَى لِمَنْ قَالَ: مَا قَامَ زَيْدٌ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة: ٨٠] فَجَاءَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِإِيجَابِ النَّارِ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا فَقَالَ: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} [البقرة: ٨١] الْآيَةَ أَوْ مَقْرُونَةً بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] ؛ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّهُ رَبُّهُمْ فَرَدُّوا النَّفْيَ الَّذِي بَعْدَ أَلْفِ الِاسْتِفْهَامِ، وَإِذَا رَدُّوا نَفْيَ الشَّيْءِ ثَبَتَ إيجَابُهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: حَقُّ " بَلَى " أَنْ تَجِيءَ بَعْدَ نَفْيِ غَلَبَةِ تَقْرِيرٍ، وَهَذَا الْقَيْدُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ النَّفْيِ غَلَبَةَ تَقْرِيرٍ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ بَلْ الْكُلُّ أَطْلَقُوا بِأَنَّهَا جَوَابُ النَّفْيِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ: إنَّهَا حَقُّهَا أَنْ تَدْخُلَ عَلَى النَّفْيِ ثُمَّ حُمِلَ التَّقْرِيرُ عَلَى النَّفْيِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْعَرَبِ، وَأَجَابَهُ بِ نَعَمْ، وَوَقَعَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>