للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْعِصْمَةُ مِنْ الصَّغَائِرِ]

ِ] وَأَمَّا الصَّغَائِرُ: الَّتِي لَا تُزْرِي بِالْمَنَاصِبِ، وَلَا تَقْدَحُ فِي فَاعِلِهَا، فَفِي جَوَازِهَا خِلَافٌ مِنْ حَيْثُ السَّمْعُ مَبْنِيٌّ أَوَّلًا عَلَى ثُبُوتِ الصَّغِيرَةِ فِي نَفْسِهَا، فَمَنْ نَفَاهَا كَالْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إلَى مُخَالَفَةِ أَمْرِ الْآمِرِ، فَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُ عَلَيْهِمْ. وَالْعَجَبُ أَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْإِرْشَادِ " وَافَقَ الْأُسْتَاذَ عَلَى مَنْعِ تَصَوُّرِ الصَّغَائِرِ فِي الذُّنُوبِ وَخَالَفَهُ هُنَا، وَالصَّحِيحُ تَصَوُّرُهَا.

وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهِ، هَلْ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ؟ وَإِذَا جَازَتْ، فَهَلْ وَقَعَتْ مِنْهُمْ أَمْ لَا؟ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَإِلْكِيَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ الْجَوَازَ عَقْلًا. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَأَمَّا السَّمَاعُ فَأَبَاهُ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ وُقُوعِهَا مِنْهُمْ، وَتُتَدَارَكُ بِالتَّوْبَةِ. اهـ. وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ عَدَمَ الْوُقُوعِ. قَالَ: وَأَوَّلُوا تِلْكَ الْآيَاتِ، وَحَمَلُوهَا عَلَى مَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَعَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَصِّلُونَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرْعِ قَاطِعٌ فِي ذَلِكَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَالظَّوَاهِرُ مُشْعِرَةٌ بِالْوُقُوعِ. وَنَسَبَ الْإِبْيَارِيُّ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْوُقُوعَ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَالُوا: لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَجْوِيزَ الصَّغَائِرِ وَوُقُوعَهَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَمِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ. وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ: إنَّهُ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَنْبِيهِهِمْ عَلَيْهِ، إمَّا فِي الْحَالِ عَلَى رَأْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>