للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْهَا تَبِيعٌ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ، فَإِنَّ قَوْمًا يَرَوْنَ الزَّكَاةَ عَلَى الْخَمْسِ كَزَكَاةِ الْإِبِلِ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُوَطَّئِهِ " ": وَقَدْ ذَكَرَ الْحُكْمَ بِرَدِّ الْيَمِينِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَلَا بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ شَهِيرٌ، وَكَانَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَرَى رَدَّ الْيَمِينِ، وَيَقْضِي بِالنُّكُولِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمِنْ التَّابِعِينَ الْحَكَمُ وَغَيْرُهُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُمْ كَانُوا الْقُضَاةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. فَإِذَا كَانَ مِثْلَ مَنْ ذَكَرْنَا يَخْفَى عَلَيْهِ الْخِلَافُ، فَمَا ظَنُّك بِغَيْرِهِ.

مَسْأَلَةٌ [تَعْرِيفُ الشُّذُوذِ] اُخْتُلِفَ فِي الشُّذُوذِ، وَمَا هُوَ؟ فَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ الْوَاحِدِ، وَتَرْكُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: هُوَ أَنْ يَرْجِعَ الْوَاحِدُ عَنْ قَوْلِهِ، فَمَتَى رَجَعَ عَنْهُ سُمِّيَ شَاذًّا، كَمَا يُقَالُ: شَذَّ الْبَعِيرُ عَنْ الْإِبِلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِيهَا، يُسَمِّي شَاذًّا، فَأَمَّا قَوْلُ الْأَقَلِّ فَلَا مَعْنَى لِتَسْمِيَتِهِ شَاذًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَاذًّا لَكَانَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ شَاذًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>