عَنْ أَحَدٍ عَمَلَ الْأَبَدَانِ، لِأَنَّ الْأَبْدَانَ تَعَبَّدَتْ بِعَمَلٍ، فَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا أَنْ يَعْمَلَ عَنْهَا غَيْرُهَا لَيْسَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ بِالْخَبَرِ الَّذِي جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِأَنَّ فِيهِمَا نَفَقَةً، وَأَنَّ اللَّهَ فَرَضَهُمَا عَلَى مَنْ وَجَدَ إلَيْهِمَا السَّبِيلَ، وَالسَّبِيلُ بِالْمَالِ. اهـ.
وَأَغْفَلَ الْأَصْحَابُ هَذَا وَلَمْ يَحْفَظُوا لِلشَّافِعِيِّ فِيهِ نَصًّا وَهَذَا فِي الْجَوَازِ الشَّرْعِيِّ.
وَأَمَّا الْعَقْلِيُّ: فَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا جَرَيَانُ النِّيَابَةِ فِي التَّكَالِيفِ وَالْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ عَقْلًا، وَمَنَعَهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَسَاعَدَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ.
وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى حَرْفٍ، وَهُوَ أَنَّ الثَّوَابَ مَعْلُولُ الطَّاعَةِ، وَالْعِقَابَ مَعْلُولُ الْمَعْصِيَةِ عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَنَا: الثَّوَابُ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ وَالْعِقَابُ عَدْلٌ مِنْ اللَّهِ، وَإِنَّمَا الطَّاعَةُ أَمَارَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْصِيَةُ.
وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ نَحْوَهُ وَحَرَّرَهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ، فَقَالَ: اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِي الْمَأْمُورِ بِهِ إذَا كَانَ مَالِيًّا، وَعَلَى وُقُوعِهِ أَيْضًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْغَيْرِ صَرْفُ زَكَاةِ مَالِهِ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ، وَكَيْفَ لَا، وَصَرْفُ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ إلَى الْإِمَامِ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ إلَّا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ دُخُولِهَا فِيهِ إذَا كَانَ بَدَنِيًّا، فَذَهَبَ أَصْحَابُنَا إلَى الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ مَعًا مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ لِنَفْسِهِ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ قَوْلُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ: أَمَرْتُكَ بِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ، فَإِنْ خِطْتَهُ بِنَفْسِكَ أَوْ اسْتَنْبَتَ فِيهِ أَثَبْتُكَ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute