للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: فِي التَّرْتِيبِ، وَهُوَ يَقْتَضِي عَلَى الصَّحِيحِ، وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ عَنْ ابْنِ عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا كَالْوَاوِ فِي اقْتِضَاءِ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ. وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ " وَقَفْت " إنْشَاءٌ، فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ التَّرْتِيبُ، كَقَوْلِك: بِعْتُك هَذَا ثُمَّ هَذَا، وَهَذَا غَلَطٌ، وَإِنَّمَا قَالَ الْعَبَّادِيُّ ذَلِكَ إذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَنَّهَا لِلْجَمِيعِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ عِنْدَهُ لِلْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ، وَالْكَلَامُ بِآخِرِهِ، فَالْجَمْعُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مِنْ جِهَةِ " ثُمَّ ". وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَسِيطِ " مِنْ النَّحْوِيِّينَ عَنْ ابْنِ الدَّهَّانِ أَنَّ الْمُهْلَةَ وَالتَّرْتِيبَ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَأَمَّا الْجُمَلُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِيهَا بَلْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا.

قَالَ: وَالْأَصَحُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَعْنَاهَا أَيْنَمَا وَقَعَتْ وَتَأْوِيلُ مَا خَالَفَ مَعْنَاهَا وَنَقَلَ ابْنُ الْخَبَّازِ عَنْ شَيْخِهِ: أَنَّ " ثُمَّ " إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْجُمَلِ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] إلَى قَوْلِهِ {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} [البلد: ١٧] فَحَصَلَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَمَّا فِي الزَّمَانِ نَحْوُ {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى} [المؤمنون: ٤٥] وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ - ثُمَّ جَعَلْنَاهُ} [المؤمنون: ١٢ - ١٣] أَوْ فِي الْمَرْتَبَةِ نَحْوُ {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: ٨٢] أَوْ لِلتَّرْتِيبِ فِي الْأَخْبَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: ٩] {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩] وَالسَّمَاءُ مَخْلُوقَةٌ قَبْلَ الْأَرْضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] وَقَالَ الرَّاغِبُ: تَقْتَضِي تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهُ إمَّا تَأَخُّرًا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْمَرْتَبَةِ أَوْ بِالْوَضْعِ، وَنَقَلَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ " فَصْلًا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>