وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَقْتَ حُدُوثِ تِلْكَ النَّازِلَةِ فَيُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ "، وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ "، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَالصَّيْرَفِيُّ فِي " الدَّلَائِلِ "، وَسُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ ". قَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ رَتَّبَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: إنْ بَلَغَ التَّابِعِيُّ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ، فَأَجْمَعُوا، وَخَالَفَهُمْ، اُعْتُدَّ بِخِلَافِهِ، وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلٍ ثُمَّ أَدْرَكَهُمْ، وَخَالَفَهُمْ، فَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ لَمْ يَعْتَدَّ بِخِلَافِهِ، وَمَنْ اعْتَبَرَ انْقِرَاضَهُ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَجْهَانِ. اهـ. وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " الْمَسْأَلَةَ بِالْمَعَاصِرِ الْمُجْتَهِدِ، فَقَالَ: يُعْتَبَرُ وِفَاقُهُ فِي حُجَّةِ الْإِجْمَاعِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ الْحَادِثَةِ، فَاعْتُبِرَ وِفَاقُهُ كَالْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ. قَالَ: فَأَمَّا مَنْ عَاصَرَهُمْ وَهُوَ صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ، ثُمَّ بَلَغَهَا وَخَالَفَهُمْ، فَهَلْ يُعَدُّ خِلَافُهُ خِلَافًا؟ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ، فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: يُعَدُّ خِلَافًا لِقِصَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْعَوْلِ. اهـ. وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ مَا نَصُّهُ: وَمَتَى أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ حَدَثَ فِي عَصْرِهِمْ مَنْ بَلَغَ مَبْلَغَ الِاسْتِدْلَالِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مُخَالَفَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute