للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجْمَاعِهِمْ، فَإِنْ حَدَثَتْ حَادِثَةٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَدْ جَاءَ فِيهِ التَّابِعِيُّ مُسْتَدِلًّا فَأَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ اسْتِنْبَاطًا، وَرَأَى خِلَافَهُ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ خِلَافٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، هَذَا كَلَامُهُ. وَحَكَى فِي " الْقَوَاطِعِ " الْوَجْهَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا إذَا بَلَغَ التَّابِعِيُّ فَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْإِجْمَاعُ عَلَى قَوْلِ التَّابِعِيِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ التَّابِعِيُّ مَحْجُوجًا بِذَلِكَ قَطْعًا، وَقَدْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ، وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ هَذَا الِاعْتِبَارَ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إجْمَاعٌ. اهـ. وَكَلَامُ الْآمِدِيَّ يَقْتَضِي طَرْدَ الْخِلَافِ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُ قَالَ: الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إجْمَاعُهُمْ دُونَهُ اخْتَلَفُوا، فَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ، قَالَ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ قَبْلَ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، لَمْ يَنْعَقِدْ إجْمَاعُهُمْ مَعَ مُخَالَفَتِهِ، وَإِنْ بَلَغَ الِاجْتِهَادَ بَعْدَ انْعِقَادِ إجْمَاعِهِمْ لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِهِ.

قَالَهُ: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَنْ شَرَطَ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ، قَالَ: لَا يَنْعَقِدُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُجْتَهِدًا حَالَ إجْمَاعِهِمْ أَوْ صَارَ مُجْتَهِدًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَصْرِهِمْ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَتِهِ أَصْلًا، وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. قَالَ: وَالْمُخْتَارُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ حَالَ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ إجْمَاعُهُمْ مَعَ مُخَالَفَتِهِ. انْتَهَى. وَتَحَصَّلَ أَنَّ اللَّاحِقَ إمَّا أَنْ يَتَأَهَّلَ قَبْلَ الِانْقِرَاضِ أَوْ بَعْدَهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ يُوَافِقَ أَوْ يُخَالِفَ أَوْ يَسْكُتَ، وَالْقَائِلُ بِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>