جَمْعَ الْكَثْرَةِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ إلَّا مُسْتَعَارًا.
وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مِنْ تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ مَا نَقَلَهُ إلْكِيَا عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَقَدْ سَبَقَ، لَكِنْ كَلَامُ إلْكِيَا يُخَالِفُهُ، وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِثَلَاثَةٍ مَعَ أَنَّهُ جَمْعُ كَثْرَةٍ.
الثَّانِي: أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالْجَمْعِ الِاسْتِغْرَاقَ، أَمَّا مُطْلَقُ الْكَلَامِ عِنْدَ الْمُعَمِّمِينَ فَحَقِيقَةٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ قَالَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ شَيْخِهِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا، إلَّا إذَا قَامَتْ الْمُخَصِّصَاتُ، وَإِلَّا فَالْأَلْفَاظُ لِلْعُمُومِ عِنْدَ فُقْدَانِ أَدِلَّةِ التَّخْصِيصِ.
وَنَازَعَهُ الْإِبْيَارِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لَا عَلَى أَصْلِهِ، وَلَا عَلَى أَصْلِ غَيْرِهِ، أَمَّا أَصْلُهُ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ عِنْدَ التَّنْكِيرِ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ أَقَلُّ الْجَمْعِ كَيْفَ يُحْكَمُ بِأَنَّ الْأَلْفَاظَ مُقْتَصِرَةٌ عَلَيْهِ؟ وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ، وَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ، فَلَا بُدَّ إذَنْ مِنْ بَيَانِ أَقَلِّ الْجَمْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمْعِ الْمُذَكَّرِ، وَإِلَى جَمْعِ الْقِلَّةِ وَإِنْ عُرِفَ؛ وَأَمَّا عَلَى رَأْيِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ مُفْتَقِرُونَ إلَى ذَلِكَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، وَالْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ وَالْوَصَايَا وَغَيْرِهَا.
وَذَكَرَ بَعْضُ شُرَّاحِ اللُّمَعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْكِنَايَةِ عَنْ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَلَكِنَّ الْخِلَافَ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الِاثْنَيْنِ أَوْ مَجَازٌ، عَلَى الْوَجْهَيْنِ؟ .
الثَّالِثُ: اسْتَثْنَى النَّحْوِيُّونَ الْمُشْتَرِطُونَ لِلثَّلَاثَةِ التَّعْبِيرَ عَنْ عُضْوَيْنِ مِنْ جَسَدَيْنِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، نَحْوُ {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute