للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُبُوتَ احْتِمَالَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَهْمِ، سَوَاءٌ وُضِعَ اللَّفْظُ لَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْحَقِيقَةِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَجَازٌ وَفِي الْآخَرِ حَقِيقَةٌ. فَالْإِجْمَالُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَهْمِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ قَدْ يَتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَضْعِ، وَلَا يَتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَهْمِ، فَلَا يَكُونُ مُجْمَلًا.

وَأَيْضًا إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَسْمَاءِ كَمَا سَبَقَ، أَوْ فِي الْأَفْعَالِ كَ " عَسْعَسَ " بِمَعْنَى أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، أَوْ فِي الْحُرُوفِ، كَتَرَدُّدِ الْوَاوِ بَيْنَ الْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ. فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: ٧] .

وَتَرَدُّدِهَا بَيْنَ الْعَطْفِ وَالْحَالِ فِي قَوْلِهِ: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} [الأنفال: ٦٦] لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ عَاطِفَةً أَوْهَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِضَعْفِهِمْ حَدَثَ الْآنَ، وَبِهِ احْتَجَّ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى حُدُوثِ الْعِلْمِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إعْلَامُ عِبَادِهِ؛ وَإِنْ جُعِلَتْ غَيْرَ عَاطِفَةٍ كَانَ تَقْدِيرُهُ: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ، عَالِمًا أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَحْذُورٌ، وَيَجِبُ إضْمَارُ " قَدْ " حِينَئِذٍ. وَنَحْوُ تَرَدُّدِ " مِنْ " بَيْنَ ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَالتَّبْغِيضِ، كَقَوْلِهِ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هِيَ لِلِابْتِدَاءِ، أَيْ: اجْعَلُوا ابْتِدَاءَ الْمَسْحِ مِنْ الصَّعِيدِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: هِيَ لِلتَّبْعِيضِ، أَيْ: امْسَحُوا وُجُوهَكُمْ بِبَعْضِ الصَّعِيدِ، فَلِهَذَا اشْتَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ لِمَا يُتَيَمَّمُ بِهِ غُبَارٌ، يَعْلَقُ بِالْيَدِ، لِتَحَقُّقِ الْمَسْحِ بِبَعْضِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُجْمَلًا فِي تَرْكِيبِهِ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا: فِي الْمُرَكَّبِ بِجُمْلَتِهِ فِي نَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ، وَلِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>