للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْلِيقِ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ، أَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا فِي مَوْضِعِ الشُّهُودِ أَنَّ الْغُرْمَ عَلَى شُهُودِ التَّعْلِيقِ دُونَ شُهُودِ الصِّفَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ.

وَفِي وَجْهٍ أَرَاهُ أَنَّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا. وَقَدْ أَشْبَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْأَصْلَ تَقْرِيرًا فِي الْخِلَافِيَّاتِ ثُمَّ عَادَ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ فَقَالَ: وَقَدْ حَكَى قَوْلَ الْأُسْتَاذِ فِيمَنْ قَالَ: وَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ الْمَوْتِ، وَسَاعَدَهُ أَئِمَّةُ الزَّمَانِ إنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى التَّحْقِيقِ، بَلْ هُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ إيقَاعُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: كَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّارَ عَلَى الْبَيْعِ صَارَ رَاجِعًا. وَأَمَّا " الْمَعْنَى " فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي " عَبَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَنْ " الْمَعْنَى " " بِالْعِلَّةِ " وَهُوَ تَجَوُّزٌ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ مَوْجُودٌ فِي الْمَعْنَى وَالْعِلَّةِ.

وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْعِلَّةَ وَالْمَعْنَى مَوْجُودَانِ فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ. وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْعِلَّةَ مُسْتَنْبَطَةٌ مِنْ الْمَعْنَى وَلَيْسَ الْمَعْنَى مُسْتَنْبَطًا مِنْ الْعِلَّةِ لِتَقَدُّمِ الْمَعْنَى وَحُدُوثِ الْعِلَّةِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْعِلَّةَ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعَانٍ، وَالْمَعْنَى لَا يَشْتَمِلُ عَلَى عِلَلٍ، لِأَنَّ الطُّعْمَ وَالْجِنْسَ مَعْنَيَانِ وَهُمَا عِلَّةُ الرِّبَا.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَعْنَى مَا يُوجَبُ بِهِ الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ حَتَّى يَتَعَدَّى إلَى الْفَرْعِ وَالْعِلَّةُ اجْتِذَابُ حُكْمِ الْأَصْلِ إلَى الْفَرْعِ، فَصَارَ " الْمَعْنَى " مَا ثَبَتَ بِهِ حُكْمُ الْأَصْلِ، وَالْعِلَّةُ مَا ثَبَتَ بِهِ حُكْمُ الْفَرْعِ.

ثُمَّ يَجْتَمِعُ الْعِلَّةُ وَالْمَعْنَى فِي اعْتِبَارِ أَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مُؤَثِّرًا فِي الْحُكْمِ، وَأَنْ يَسْلَمَ الْمَعْنَى وَلَا يَرُدُّهُمَا نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ، وَأَنْ لَا يُعَارِضَهُمَا مِنْ الْمَعَانِي وَالْعِلَلِ أَقْوَى مِنْهُمَا، وَأَنْ يَطَّرِدَ الْمَعْنَى وَالْعِلَّةُ فَيُوجَدُ الْحُكْمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>