للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا لَمْ يَمْنَعْهَا انْعَقَدَتْ، وَانْعِقَادُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ وَرَقِيقٍ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ: لَمَّا مَنَعَ التَّعْلِيقُ السَّبَبِيَّةَ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا فَلَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ فِي غَيْرِ مَمْلُوكٍ بَلْ هُوَ إنَّمَا هِيَ فِي مَمْلُوكٍ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَأَخَّرَتْ إلَى زَمَنِ الْمِلْكِ فَالْمَوْجُودُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لَفْظُ الْعِلَّةِ لَا نَفْسُهَا وَقَدْ قَطَعَهَا التَّعْلِيقُ. تَنْبِيهٌ

قَدْ عَرَفْت حُكْمَ كَلِمَةِ الشَّرْطِ الْمُسَلَّطَةِ عَلَى الْأَسْبَابِ، وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: إنَّهَا لَا تَرْفَعُ السَّبَبِيَّةَ بَلْ تُوقِفُ حُكْمَهَا، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: بَلْ تَرْفَعُهَا وَلَكِنْ لَا مُطْلَقًا بَلْ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ. وَبَالَغَ الْقَاضِي ابْنُ سُرَيْجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي انْعِقَادِ السَّبَبِيَّةِ، وَزَادَ أَنَّ الشَّرْطَ يُلْغَى بِالْكُلِّيَّةِ، لِكَوْنِهِ وَرَدَ قَطْعًا لِشَيْءٍ بَعْدَ مُضِيِّ حُكْمِهِ، فَقَالَ: إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ تُنَجَّزُ فِي الْحَالِ، فَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ وَقَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَبَالَغَ ابْنُ حَزْمٍ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَقَالَ بِهِ، وَزَادَ أَنَّ الشَّرْطَ مَنْعُ انْعِقَادِ السَّبَبِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَا يَقَعُ رَأْسًا وُجِدَتْ الصِّفَةُ أَوْ لَمْ تُوجَدْ وَهَذَا خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ الدَّاخِلَ عَلَى السَّبَبِ قَاطِعٌ لَهُ عِنْدَ ابْنِ حَزْمٍ رَأْسًا، وَيُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ: إنَّهُ فَاسِدٌ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ مُعَرَّضٍ لِلسَّبَبِ فِي شَيْءٍ وَلَكِنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا بَدَأَ بِالسَّبَبِ قَبْلَ الشَّرْطِ، وَلَا يَقُولُهُ فِيمَا إذَا عَكَسَ فَقَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَالْجُمْهُورُ لَا يُلْغُونَ الشَّرْطَ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا: فَأَشَدُّهُمْ إعْمَالًا الشَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ يَنْتَصِبُ فِي الْحَالِ سَبَبًا فِي ثَانِي الْحَالِ وَنَقَلُوهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَنْعَقِدُ فِي الْحَالِ وَلَا يَكُونُ مُنْهِيًا، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ فِي ثَانِي الْحَالِ. وَمِنْهَا: أَعْنِي مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ انْعَقَدَ السَّبَبُ فِي حَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>