بِكَسْرِهَا) فَهُوَ الدَّلِيلُ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ، وَهُوَ تَسْلِيمُ مُقْتَضَى مَا نَصَبَهُ الْمُسْتَدِلُّ مُوجِبًا لِعِلَّتِهِ، مَعَ بَقَاءِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا فِيهِ. وَذَلِكَ بِأَنْ يَظُنَّ الْمُعَلِّلُ أَنَّ مَا أَتَى بِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِمَطْلُوبِهِ مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا، مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَلْزِمٍ، فَلَا يَنْقَطِعُ النِّزَاعُ بِتَسْلِيمِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْرِيفِ الْإِمَامِ الرَّازِيَّ لَهُ بِمُوجَبِ الْعِلَّةِ، لِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقِيَاسِ، أَيْ: أَنْ يَكُونَ دَلِيلُهُ لَا يُشْعِرُ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا. وَهَذَا فِيهِ إشْكَالٌ، لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِمُوجَبِهِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ قَدْ يَتَخَيَّلُ مِنْ الْخَصْمِ مَانِعًا لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بِحَيْثُ لَوْ بَطَلَ ذَلِكَ الْمَانِعُ تَقَرَّرَ أَنَّ الْخَصْمَ يُسَلِّمُ لَهُ الْحُكْمَ، فَيَجْعَلُ الْمُسْتَدِلَّ عُمْدَتَهُ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِإِبْطَالِ مَا تَخَيَّلَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ كَوْنُهُ مَانِعًا سَلِمَ الْحُكْمُ، فَكَأَنَّهُ قَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى غَيْرِ الْحُكْمِ الْمَسْئُولِ، أَوْ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْحُكْمِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعًا لَزِمَ الْحُكْمُ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: حَدُّوهُ بِتَسْلِيمِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ بَيَانُ غَلَطِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى إيجَابِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ: «فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: أَقُولُ بِمُوجَبِ هَذَا الدَّلِيلِ، لَكِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَحَلَّ النِّزَاعِ فَهَذَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute