وَثَالِثُهَا: الْحَجُّ يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ وَيَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ. وَحُكْمُ الْبَاطِلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَلَا يَمْضِي بِخِلَافِ الْفَاسِدِ. هَذَا حُكْمُ مَا يَطْرَأُ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ ابْتِدَاءً، فَيُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ جَامَعَ، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا، وَقِيلَ: صَحِيحًا، وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ. قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ مُجَامِعًا فَيَنْعَقِدُ فَاسِدًا أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ عَدَمَ الِانْعِقَادِ.
وَرَابِعُهَا: الْعَارِيَّةُ وَقَدْ صَوَّرَهَا الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ " فَإِنَّهُ حَكَى فِي صِحَّةِ إعَارَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ خِلَافًا، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَبْطَلْنَاهَا فَفِي طَرِيقِ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ، لِأَنَّهَا إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَفِي طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْإِعَارَةِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ كَذَا حَصَرَهَا جَمَاعَةٌ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ.
وَمِنْ صُورَةِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَتَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ.
أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ مَثَلًا صَبِيٌّ رَجُلًا بَالِغًا فَعَمِلَ عَمَلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، لِأَنَّهُ الَّذِي فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ عَمَلَهُ وَتَكُونُ بَاطِلَةً.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ لِلْمَدْيُونِ: اعْزِلْ قَدْرَ حَقِّي، فَعَزَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْعَزْلِ، فَإِذَا تَصَرَّفَ الْمَأْمُورُ فَإِنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ، وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ لِلْقِرَاضِ وَنَقَدَهُ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الشِّرَاءُ لِلْقِرَاضِ وَيَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَالرِّبْحُ لِبَيْتِ الْمَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute