وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ قِرَاضًا لَا فَاسِدًا وَلَا صَحِيحًا بَلْ هُوَ بَاطِلٌ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: بِعْتُك وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا وَسَلَّمَ، وَتَلِفَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي هَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؟ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ، وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَبِيعًا فَيَكُونُ أَمَانَةً.
وَمِنْهَا: لَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ فَهُوَ فَاسِدٌ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا الْحَدَّ، وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ السُّبْكِيُّ: عِنْدِي.
أَنَّ أَصْحَابَنَا لَمْ يُوَافِقُوا الْحَنَفِيَّةَ فِي هَذَا التَّفْرِيقِ أَصْلًا، لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يُثْبِتُونَ بَيْعًا فَاسِدًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَعَ الْقَبْضِ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْعُقُودُ لَهَا صُوَرٌ لُغَةً وَعُرْفًا مِنْ عَاقِدٍ وَمَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَصِيغَةٍ، وَلَهَا شُرُوطٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنْ وُجِدَتْ كُلُّهَا فَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِدُ أَوْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَوْ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فَلَا عَقْدَ أَصْلًا، وَلَا يَحْنَثُ بِهِ إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَنُسَمِّيهِ بَيْعًا بَاطِلًا مَجَازًا، وَإِنْ وُجِدَتْ وَقَارَنَهَا مُفْسِدٌ مِنْ عَدَمِ شَرْطٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ فَاسِدٌ، وَعِنْدَنَا هُوَ بَاطِلٌ خِلَافًا لَهُمْ.
وَوَافَقُونَا عَلَى الْبُطْلَانِ إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِصِفَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ. وَنَحْنُ لَا نُرَتِّبُ عَلَى الْفَاسِدِ شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ لَكِنْ لَنَا قَاعِدَةٌ، وَهِيَ إذَا كَانَ لِلْفِعْلِ عُمُومٌ وَبَطَلَ الْخُصُوصُ قَدْ لَا يَعْمَلُ الْعُمُومُ.
فَالْمَسَائِلُ الَّتِي رَتَّبَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهَا حُكْمًا مِنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. اهـ.
فَائِدَةٌ أَقْسَامُ الْبَاطِلِ
قَسَّمَ ابْنُ الْقَاصِّ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْجَدَلِ " الْبَاطِلَ إلَى خَمْسَةٍ: الْإِحَالَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute