للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكُنْ نُسْخَةُ الْكِتَابِ بِيَدِهِ، لَكِنَّهَا كَانَتْ بِيَدِ قَارِئٍ مَوْثُوقٍ بِهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ تَرَدَّدَ فِي الْعَمَلِ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَصِحَّةِ إسْنَادِهِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الشَّيْخُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ مَا حَمَلُوهُ التَّلَامِذَةُ، وَخَالَفَهُ الْمَازِرِيُّ، وَقَالَ: إنَّ الشَّيْخَ يَصِيرُ مُعَوِّلًا فِيمَا يَرْوِيهِ وَيَحْمِلُهُ لِتَلَامِذَتِهِ عَلَى نَقْلِ غَيْرِهِ عَنْهُ، أَنَّهُ رَوَى كَذَا. اهـ. وَقَطَعَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ سَمَاعَهُ، وَجَهِلَ عَيْنَ الْمُسْمِعِ، أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ رِوَايَتُهُ، حَتَّى يَعْلَمَ قَطْعًا مَنْ بَلَّغَهُ، وَنَقَلَهُ عَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي، وَحَكَى عَنْ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ جَوَّزَ لَهُ رِوَايَتَهُ، وَعُزِيَ إلَى الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: يَنْبَغِي لِمَنْ لَمْ يَحْفَظْ الْحَدِيثَ رِوَايَتُهُ مِنْ الْكِتَابِ، وَإِنْ كَانَ يَحْفَظُهُ فَالْأَوْلَى ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ وَعِنْدَهُ كِتَابٌ فِيهِ سَمَاعُهُ بِخَطِّهِ، وَهُوَ يَذْكُرُ سَمَاعَهُ لِلْخَبَرِ، جَازَ أَنْ يَرْوِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ سَمَاعَهُ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي " الرِّسَالَةِ ". وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ رَوَى عَلَى خَطِّهِ. قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ شَيْئَيْنِ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ الْكِتَابِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ وَاثِقًا بِكِتَابِهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِخَطِّهِ أَوْ خَطِّ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِوَقْتِ سَمَاعِهِ، فَإِنْ أَخَلَّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ. اهـ.

وَمَا صَحَّحَهُ مِنْ الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ الذِّكْرِ صَحَّحَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ. قَالَ: لِأَنَّ الْخَطَّ قَدْ يَشْتَبِهُ بِالْخَطِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>