للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ لَدُنْ كَانَتْ شَوْلًا. هَذَا نَصُّهُ. وَهُوَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ لِابْتِدَاءِ غَايَةِ الزَّمَانِ. وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالْأَخْفَشُ وَالْمُبَرِّدُ وَابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ وَابْنُ مَالِكٍ وَجَعَلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: ٤] وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ. وَلَمَّا كَثُرَتْ ارْتَابَ الْفَارِسِيُّ، وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِيمَا جَاءَ مِنْ هَذَا فَإِنْ كَثُرَ قِيسَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا تُؤَوَّلُ. قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تُوجِبُ الْقِيَاسَ بَلْ لَمْ يَجُزْ إلَّا هَذَا فَلِذَلِكَ تُؤَوَّلُ جَمِيعُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ " أَيْ " مِنْ تَأْسِيسِ أَوَّلِ يَوْمٍ انْتَهَى.

وَهُوَ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] وَفِي الْحَدِيثِ: «مِنْ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ» وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ (وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مِنْ يَوْمِ قِيلَ لِي مَا قِيلَ) ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَمَعَ الْكَثْرَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِضْمَارِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ. وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَالْقِيَاسُ عَلَى " إلَى " فَإِنَّهَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ زَمَانًا وَمَكَانًا، وَ " مِنْ " مُقَابَلَتِهَا فَتَكُونُ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي ابْتِدَاءِ غَايَةِ الْأَمْكِنَةِ وَيَتَجَوَّزُ بِهَا عَنْ ابْتِدَاءِ غَايَةِ الْأَزْمِنَةِ وَهُوَ حَسَنٌ يُجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. وَذَكَرَ السَّكَّاكِيُّ فِي " الْمِفْتَاحِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ التَّبَعِيَّةِ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي " مِنْ ": لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ مُتَعَلِّقَ مَعْنَاهَا ابْتِدَاءً الْغَايَةُ لَا أَنَّ مَعْنَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>