للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ يَجْمَعَ الْمُسْتَدِلُّ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِأَمْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، فَيُبْدِي الْمُعْتَرِضُ وَصْفًا فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْعِ. وَقَدْ اشْتَرَطُوا فِيهِ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَرْقٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَإِلَّا لَكَانَ هُوَ هُوَ، وَلَيْسَ كُلُّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ الْأَوْصَافِ يَكُونُ مُؤَثِّرًا مُقْتَضِيًا لِلْحُكْمِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مُلْغًى بِالِاعْتِبَارِ بِغَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْفَارِقُ قَادِحًا

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَاطِعًا لِلْجَمْعِ، بِأَنْ يَكُونَ أَخَصَّ مِنْ الْجَمْعِ لِيُقَدَّمَ عَلَيْهِ، أَوْ مِثْلَهُ لِيُعَارِضَهُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: اخْتَلَفَ الْجَدَلِيُّونَ فِي حَدِّهِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ، وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ: إنَّ حَقِيقَةَ الْفَرْقِ قَطْعُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ إذْ اللَّفْظُ أَشْعَرَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْجَدَلِيِّينَ: حَقِيقَتُهُ الْمَنْعُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِذِكْرِ وَصْفٍ فِي الْفَرْعِ أَوْ فِي الْأَصْلِ.

وَيَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْخِلَافِ مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْفَارِقَ إذَا ذَكَرَ فَرْقًا فِي الْأَصْلِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْكِسَهُ فِي الْفَرْعِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَمَا عَلَيْهِ الْحُذَّاقُ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ، لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْجَمْعِ، وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ الْجَمْعُ إذَا عَكَسَهُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْفَرْقُ، وَالِافْتِرَاقُ لَهُ رُكْنَانِ: (أَحَدُهُمَا) وُجُودُ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ، وَ (الثَّانِي) انْتِفَاؤُهُ فِي الْفَرْعِ، لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ يَقُولُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>