للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلَامَ الْمُرْسِلِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِ، بَلْ أَوْثَقُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ بِمَا فِيهِ، وَالرَّسُولُ نَاطِقٌ، وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَكْتُبُ إلَى عُمَّالِهِ تَارَةً وَيُرْسِلُ أُخْرَى، وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: كَانَ مَالِكٌ يَكْتُبُ إلَى الرَّجُلِ بِالْبَلَدِ الْآخَرِ: قَدْ كَتَبْت كِتَابِي هَذَا، وَخَتَمْته بِخَاتَمِي، فَارْوِهِ عَنِّي.

وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِحَّةُ ذَلِكَ عَمِلَ بِهِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ شَهَادَةَ شَاهِدَيْنِ عَلَى شَرْطِ كِتَابِ الْقَاضِي، وَيَصِيرُ كَأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ هُمَا الْوَاسِطَةُ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ ": الْآثَارُ فِي هَذِهِ كَثِيرَةٌ عَنْ التَّابِعِينَ، وَالِاتِّبَاعُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ وَاسِعٌ عِنْدَهُمْ، وَكُتُبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى عُمَّالِهِ بِالْأَحْكَامِ شَاهِدَةٌ لِقَوْلِهِمْ. اهـ. قَالَ: إلَّا أَنَّ مَا سَمِعَهُ مِنْ الشَّيْخِ فَوَعَاهُ، أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهِ فَحَفِظَهُ، يَكُونُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِمَّا كُتِبَ بِهِ إلَيْهِ لِمَا يُخَافُ عَلَى الْكِتَابِ مِنْ التَّغْيِيرِ وَالْإِحَالَةِ اهـ. وَكَيْفِيَّةُ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقُولَ: كَتَبَ إلَيَّ، وَأَخْبَرَنِي كِتَابَةً، لِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ ذَكَرَ الْإِخْبَارَ فِي كِتَابِهِ فَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ أَخْبَرَنَا. وَجَوَّزَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيَّ قَوْلَهُ: أَخْبَرَنِي مُجَرَّدًا عَنْ قَوْلِهِ كِتَابَةً لِصِدْقِ ذَلِكَ لُغَةً، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ ". قَالَ: وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ بِكِتَابَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا أَدَبًا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ إذَا كَانَ مُطَابِقًا جَازَ إطْلَاقُهُ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ مُسْتَمِرٌّ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ فَهِيَ بَيْنَ كَوْنِهِ كِتَابَةً وَإِجَازَةً.

وَجَوَّزَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إطْلَاقَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا فِي الرِّوَايَةِ بِالْكِتَابَةِ وَالْمُخْتَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>