سِتُّونَ صُورَةً، وَبَيَانُهُ بِانْقِسَامِهَا أَوَّلًا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ. وَثَانِيهَا: أَنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُ الْفِعْلِ عَلَى الْقَوْلِ. وَثَالِثُهَا: أَنْ يُجْهَلَ التَّارِيخُ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ إمَّا أَنْ يَتَعَقَّبَ الثَّانِي الْأَوَّلُ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا زَمَانٌ، أَوْ يَتَرَاخَى أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَهَذَانِ قِسْمَانِ آخَرَانِ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ عَامًّا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتِهِ، أَوْ خَاصًّا بِهِ، أَوَخَاصًّا بِهِمْ. وَالْفِعْلُ إمَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَكْرَارِهِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُجُوبِ تَأَسِّي الْأُمَّةِ بِهِ فِيهِ، وَإِمَّا أَلَا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرَارِ دُونَ التَّأَسِّي أَوْ الْعَكْسُ. هَذَا حَصْرُ التَّقْسِيمِ فِيهَا، وَبَيَانُ ارْتِقَائِهَا إلَى الْعَدَدِ الْمُتَقَدِّمِ، أَنَّك إذَا ضَرَبْتَ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا تَعَقُّبُ الْفِعْلِ لِلْقَوْلِ أَوْ تَرَاخِيهِ عَنْهُ، وَتَعَقُّبُ الْقَوْلِ لِلْفِعْلِ أَوْ تَرَاخِيهِ عَنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي يَنْقَسِمُ إلَيْهَا مِنْ كَوْنِهِ يَعُمُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ يَخُصُّهُ، أَوْ يَخُصُّ الْأُمَّةَ حَصَلَ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ قِسْمًا، وَمَجْهُولُ الْحَالِ مِنْ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ الْقَوْلِ وَخُصُوصِهِ [لَهُ ثَلَاثَةٌ] أَيْضًا. فَهَذِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قِسْمًا، تَضْرِبُهَا فِي أَقْسَامِ الْفِعْلِ الْأَرْبَعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّكْرَارِ وَالتَّأَسِّي أَوْ عَدَمِهَا أَوْ وُجُودِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، فَيَنْتَهِي إلَى السِّتِّينَ صُورَةً مِنْ غَيْرِ تَدَاخُلٍ، وَأَكْثَرُهَا لَا يُوجَدُ فِي السُّنَّةِ، وَالْحُكْمُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ يَخْتَلِفُ، وَيَطُولُ الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَا تُوجَدُ هَذِهِ السِّتُّونَ مَجْمُوعَةً هَكَذَا فِي كِتَابِ أَحَدٍ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ.
وَذَكَرَ ابْنُ الْخَطِيبِ فِي الْمَحْصُولِ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ إمَّا أَنْ يَتَعَقَّبَ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ يَتَرَاخَى عَنْهُ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُضْرَبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute