وَقَدْ اجْتَمَعَتْ الدَّلَالَةُ فِي لَفْظِ الْعَشَرَةِ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْأَفْرَادِ مُطَابِقَةً عَلَى الْخَمْسَةِ تَضَمُّنًا وَعَلَى الزَّوْجِيَّةِ الْتِزَامًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الْحَصْرِ: أَنَّ الْمَعْنَى مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَ سَمَاعِهِ إمَّا وَحْدَهُ كَمَا فِي الْمُطَابَقَةِ، وَإِمَّا مَعَ الْقَرِينَةِ كَمَا فِي التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ، فَلَوْ فُهِمَ مِنْهُ مَعْنًى عِنْدَ سَمَاعِهِ لَيْسَ هُوَ مَوْضُوعُهُ، وَلَا جُزْءُ مَوْضُوعِهِ، وَلَا لَازِمُهُ لَزِمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَائِزَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، لِأَنَّ نِسْبَةَ ذَلِكَ اللَّفْظِ إلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى كَنِسْبَتِهِ إلَى سَائِرِ الْمَعَانِي، فَفَهْمُهُ دُونَ سَائِرِ الْمَعَانِي تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.
وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ [التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ]
أَنَّ الْإِمَامَ فَخْرَ الدِّينِ قَيَّدَ دَلَالَةَ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ بِقَوْلِهِ: " مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ " وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْجُزْءِ أَوْ اللَّازِمِ بِطَرِيقِ الْمُطَابَقَةِ إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ أَوْ بَيْنَ الْكُلِّ وَاللَّازِمِ، وَيُمَثِّلُونَهُ بِلَفْظِ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِمْكَانِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَالْعَامُّ جُزْءُ الْخَاصِّ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَنْطِقِ مِنْ أَنَّ الْمُمْكِنَ الْعَامَّ فِي مُقَابَلَةِ الْمُمْتَنِعِ، فَلِذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا وَاجِبٍ الَّذِي هُوَ الْمُمْكِنُ الْخَاصُّ، فَهُوَ حِينَئِذٍ مَوْضُوعٌ لِلْكُلِّ وَالْجُزْءِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ شَيْءٌ فَلَعَلَّهُ مَا وُضِعَ لِذَلِكَ، بَلْ مَجْمُوعُ قَوْلِنَا: إمْكَانُ عَامٍّ لَا أَحَدُهُمَا، وَمَجْمُوعُ قَوْلِنَا: إمْكَانُ خَاصٍّ لَا قَوْلِنَا إمْكَانٌ فَقَطْ، فَلَا اشْتِرَاكَ حِينَئِذٍ.
قَالَ: وَأَخَذَ التَّمْثِيلَ بِأَحْسَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute