وَاللَّازِمِ، وَصَاحِبُ " التَّحْصِيلِ " ذَكَرَهُ فِي الثَّلَاثِ.
قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَهُوَ قَيْدٌ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ الْإِمَامَ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى الْمُتَقَدِّمُونَ بِقَرِينَةِ التَّمَامِيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَاللَّازِمِيَّةِ، فَيُقَالُ لِلْإِمَامِ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقَرَائِنُ كَافِيَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَيْدِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ فِي الثَّلَاثِ، فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ؟ فَإِنَّا نَقُولُ فِي الْمُطَابَقَةِ: كَمَا يُمْكِنُ وَضْعُ الْعَشَرَةِ لِلْخَمْسَةِ، يُمْكِنُ وَضْعُهَا لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ، فَيَصِيرُ لَهُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ دَلَالَتَانِ مُطَابِقَةٌ بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ الْأَوَّلِ، وَتَضَمُّنٌ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي.
انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ يَرَى أَنْ لَا يُمْكِنَ أَنْ يَدُلَّ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ عَلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ بِالْمُطَابَقَةِ مَعَ التَّضَمُّنِ أَوْ الِالْتِزَامِ، لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْمَعْنَى بِالْمُطَابَقَةِ بِالذَّاتِ وَبِهِمَا بِالْوَاسِطَةِ وَمِنْ الْمُحَالِ اجْتِمَاعُ دَلَالَتَيْ الذَّاتِ وَالْوَاسِطَةِ، وَإِذَا لَمْ يَجْتَمِعَا كَانَ اللَّفْظُ فِي حَالِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ دَلَالَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ الْمُطَابَقَةُ، لِأَنَّهَا أَقْوَى فَتَدْفَعُ الْأَضْعَفَ. وَإِذَا صَحَّتْ لَك هَذِهِ الْقَاعِدَةُ صَحَّ مَا قَالَهُ، وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَذْكُرَ الْقَيْدُ بِالْحَيْثِيَّةِ فِي دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ، لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ، وَلَيْسَ لِلَّفْظِ إلَّا دَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ فَقَطْ لَا التَّضَمُّنُ وَالِالْتِزَامُ، فَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ.
وَأَمَّا فِي دَلَالَةِ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ الْحَيْثِيَّةِ، وَإِلَّا كَانَ يَلْزَمُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْمُطَابَقَةِ عَلَى الْجُزْءِ دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ فِي صُورَةِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْجُزْءِ.
وَبَيَانُهُ: أَنَّ اللَّفْظَ إذْ دَلَّ بِالْمُطَابَقَةِ عَلَى الْجُزْءِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ فَقَدْ دَلَّ عَلَى جُزْءِ الْمُسَمَّى دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ فَدَلَالَةُ الْمُطَابَقَةِ، دَلَالَةُ التَّضَمُّنِ هَذَا خُلْفٌ، وَلَا يَلْزَمُ هَذَا عَلَى إطْلَاقِ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute