وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَاسْمَ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفَ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ، وَالْمُضَافَ لِمَا يَصْلُحُ لِلْبَعْضِ وَالْجَمِيعِ، فَقَوْلُهُ: لِمَا يَصْلُحُ. . . إلَخْ يَقْتَضِي التَّقَيُّدَ بِمَا سَبَقَ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَعَلَّ الْقَرَافِيَّ أَخَذَهُ مِنْ تَفْصِيلِ الْغَزَالِيِّ السَّابِقِ فِي اسْمِ الْجِنْسِ إذْ دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ فَخْرَ الدِّينِ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ، مَعَ اخْتِيَارِهِ بِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِأَلْ لَا يَعُمُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِضَافَةَ أَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ مِنْ الْأَلِفِ وَاللَّامِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِهِ.
وَلَمْ يَقِفْ الْهِنْدِيُّ عَلَى نَقْلٍ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ فِي " النِّهَايَةِ ": وَكَوْنُ الْمُفْرَدِ الْمُضَافِ لِلْعُمُومِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا لَهُمْ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَلَامِ التَّعْرِيفِ تَقْتَضِي الْعُمُومَ. وَالْحَقُّ أَنَّ عُمُومَ الْإِضَافَةِ أَقْوَى، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ حَنِثَ بِشُرْبِ الْقَلِيلِ، لِعَدَمِ تَنَاهِي أَفْرَادِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ الْبَحْرِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِكُلِّهِ.
وَهَاهُنَا دَقِيقَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الْعُمُومَ فِيمَا ذَكَرْنَا مُخْتَلِفٌ، فَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ يَعُمُّ مَرَاتِبَ الْآحَادِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ الْمُضَافُ فَهَلْ يَعُمُّ مَرَاتِبَ الْجُمُوعِ أَوْ الْآحَادِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْوَاحِدُ أَوْ الْجِنْسُ، وَأَمَّا الْمُثَنَّى الْمُضَافَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] فَإِنْ قَدَّرْت الْإِضَافَةَ دَاخِلَةً عَلَى الْمُثَنَّى بَعْدَ التَّثْنِيَةِ، كَانَ مَعْنَاهَا التَّعْمِيمَ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْإِخْوَةِ، وَإِنْ قَدَّرْت التَّثْنِيَةَ دَاخِلَةً بَعْدَ الْإِضَافَةِ كَانَ مَعْنَاهَا تَثْنِيَةَ الْجِنْسَيْنِ الْمُضَافَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْجِنْسُ لَا يُثَنَّى وَالْعَامُّ لَا يُثَنَّى لِاسْتِغْرَاقِهِ، لَكِنَّهُ لَمَّا امْتَازَ بِنَوْعٍ مِنْ الشِّقَاقِ جَازَ ذَلِكَ، وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ الْقَرَافِيِّ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute