وَقَالَ ابْنُ عَمْرُونٍ فِي شَرْحِ الْمُفَصَّلِ ": إذَا دَخَلَتْهَا " مَا " يُجَازَى بِهَا فِي الْأَخْبَارِ بِدُونِ " مَا " لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تُزِيلُ إبْهَامَهَا، فَإِذَا كَفَّتْهَا " مَا " عَنْ الْإِضَافَةِ بَقِيَ إبْهَامُهَا فَجُوزِيَ بِهَا. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي اللُّبَابِ " إنَّمَا لَمْ يُجَازَ بِهَا فِي الْأَخْبَارِ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، مِثْلُ إذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ، وَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وَوَقْتُهُ مُتَعَيِّنٌ لِمَا يُضَافُ، وَبَابُ الشَّرْطِ الْإِبْهَامُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ " إذَا " وَ " مَتَى " أَنَّ الْوَقْتَ فِي " مَتَى " لَازِمٌ لِلْمَجَازَاتِ دُونَ " إذَا " عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَالْمُبَرِّدِ مِنْ الْبَصْرِيِّينَ. وَالْخِلَافُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ. فَلَوْ نَوَى بِهَا آخِرَ عُمُرِهِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ. قَالُوا: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً فِي الشَّرْطِ لَمَا صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ نَوَى بِهَا مَجَازَ كَلَامِهِ، وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي مِثْلِهِ لَا يُصَدَّقُ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي كِتَابِ الْخُلْعِ لَوْ قَالَ: إذَا أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ اُشْتُرِطَ إعْطَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الصِّيغَةِ، وَلِهَذَا أَلْحَقُوا بِهَا " إنْ " فِي ذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ " كَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ، وَعِنْدِي أَنَّ " إذَا " حُكْمُهَا حُكْمُ " مَتَى " وَأَيّ وَقْتٍ فِي اقْتِضَاءِ التَّرَاخِي، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: مَتَى الْقِتَالُ؟ جَازَ أَنْ يَقُولَ: إذَا شِئْت، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: مَتَى شِئْت، بِخِلَافِ " إنْ " فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنْ شِئْت. انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ دَلَالَةِ " إذَا " عَلَى الزَّمَانِ صَحِيحٌ لَكِنْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ " مَتَى " فَرْقٌ؛ لِأَنَّ " مَتَى " عَامَّةً تَقْتَضِي الدَّلَالَةَ عَلَى كُلِّ زَمَانٍ بِخِلَافِ " إذَا ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute