إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا مَذْهَبَانِ، أَوْ اعْتِرَافًا بِأَنَّ مَا عَدَا الْمَذْهَبَيْنِ بَاطِلٌ. وَإِقْرَارُهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا حُجَّةٌ.
مَسْأَلَةٌ
قَالَ: إذَا ذَكَرَ الْمُعَلِّلُ وَصْفًا وَقَاسَ عَلَى أَصْلٍ فَهَلْ عَلَيْهِ إثْبَاتُ عِلَّةِ الْأَصْلِ بِطَرِيقٍ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ أَمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِلسَّائِلِ: إنْ أَنْتَ أَثْبَتَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَالِحٍ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ بَطَلَ تَعْلِيلُهُ؟ قَالَ إلْكِيَا: فِيهِ خِلَافٌ: فَصَارَ صَائِرُونَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى السَّائِلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُعَلِّلَ ذَكَرَ وَصْفًا أَصْلًا، فَقَدْ وُجِدَ فِيهِ حَدُّ الْقِيَاسِ وَرُكْنُهُ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ، وَأَنَّ كُلَّ وَصْفٍ يَرْبِطُ الْفَرْعَ بِالْأَصْلِ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِنَّمَا يَفْسُدُ لِاخْتِلَالِ الشَّرَائِطِ، وَهَذَا لَيْسَ بِالْعَرِيِّ عَنْ التَّحْصِيلِ. وَلَوْ فُرِضَ التَّوَاطُؤُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ هَذَا. وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ مَعَ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَلِّلِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ مَقْصُودِهِ، لِيَخْرُجَ الْكَلَامُ عَنْ حَدِّ الدَّعْوَى بِظُهُورِ مُخَيَّلٍ. ثُمَّ الْقَوَادِحُ عَلَى الْمُعْتَرِضِ. وَإِذَا عَرَفَ هَذَا فَلَوْ ذَكَرَ مَعْنًى مُنَاسِبًا كَفَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَعَانِي مُنْقَسِمَةً إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اعْتِبَارُ الْمَعَانِي الَّتِي لَهَا أُصُولٌ، وَالْبُطْلَانُ مُعَارِضٌ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ لِلْأَصْلِ اعْتِبَارَ أَوْصَافٍ لَهَا أُصُولٌ فَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُنَاسَبَةُ فَالْأَمْرُ فِي الْوَصْفِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الطَّرْدِ حُجَّةً وَرَاءَ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ: إنَّ الْحُكْمَ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ، وَالْأَوْصَافَ تَدُلُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ فِي الطَّرْدِ، وَالْوَصْفَ عِنْدَ مُثْبِتِهِ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَالْوَصْفُ الْمُطْلَقُ كَالْمُخَيَّلِ. وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ إبْرَازِ الْإِخَالَةِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْأُصُولِ، تَحْقِيقًا لِشَرْطِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute