للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّ الْأَوَامِرَ جَمْعُ آمِرٍ وَهَذَا فِيهِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ حَقِيقَةً هُوَ الْمُتَكَلِّمُ، وَنَقْلُهُ إلَى الْمَصْدَرِ مَجَازٌ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ الصِّيغَةُ فَإِنَّهُ قَدْ تُسَمَّى الصِّيغَةُ آمِرَةً تَجَوُّزًا وَإِذَا كَانَ الْمُفْرَدُ فَاعِلَهُ، صَحَّ الْجَمْعُ عَلَى أَوَامِرَ " فَوَاعِلَ " اسْمًا كَانَ الْمُفْرَدُ كَفَاطِمَةَ وَفَوَاطِمَ، أَوْ صِفَةً كَكَاتِبَةٍ وَكَوَاتِبَ. قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ فِي التَّجَوُّزِ، وَلَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ هَاهُنَا؛ إذْ الْكَلَامُ فِي الْأَمْرِ الْحَقِيقِيِّ لَا فِي الْأَلْفَاظِ. وَحَكَى الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ " عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْأَوَامِرَ جَمْعُ الْجَمْعِ، فَالْأَوَامِرُ أَوَّلًا جُمِعَ جَمْعَ قِلَّةٍ عَلَى (أَأْمُرٍ) بِوَزْنِ أَفْعُلٍ ثُمَّ جُمِعَ هَذَا عَلَى أَوَامِرَ، نَحْوَ كَلْبٍ وَأَكَالِب، فَإِنَّهُ أَفَاعِلُ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَوَامِرَ لَيْسَ أَفَاعِلَ بَلْ هُوَ فَوَاعِلُ بِخِلَافِ أَكَالِبَ فَإِنَّهُ أَفَاعِلُ ثُمَّ قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ: وَهَذَا لَا يَتِمُّ فِي النَّوَاهِي فَإِنَّ النُّونَ فَاءُ الْكَلِمَةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ كَمَا فِي الْغَدَايَا وَالْعَشَايَا، وَيُمْكِنُ رَدُّ النَّوَاهِي أَيْضًا إلَى أَنَّهُ جَمْعُ نَاهِيَةٍ مَصْدَرٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآمِرَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ مَسْمُوعَةٌ، وَلَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ. إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا مَبَاحِثَ: أَحَدُهَا: فِي لَفْظِ الْأَمْرِ، وَالثَّانِي: فِي مَدْلُولِهِ، وَالثَّالِثُ: فِي صِيغَةِ " افْعَلْ " فَأَمَّا لَفْظُ " أَمْرٍ " فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى ضِدِّ النَّهْيِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧] أَيْ: فِعْلُهُ، فَإِذَنْ لَفْظُ الْأَمْرِ عَامٌّ لِلْقَوْلِ الْمَخْصُوصِ وَالْفِعْلِ، وَكُلُّ لَفْظٍ عَامٍّ لِشَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ، أَوْ لَا، وَالثَّانِي مَجَازٌ، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَتَّفِقَا فِي اللُّغَةِ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُتَوَاطِئُ أَوْ لَا يَتَّفِقَا، وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ قَدْ ذَهَبَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا صَائِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>