للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّمَا يَتِمُّ بِالْمُنَاسَبَةِ أَوْ التَّغَيُّرِ. وَهَذَا الْقِسْمُ أَقَلُّ الْأَقْسَامِ، وَلِهَذَا قَبِلَهُ أَبُو زَيْدٍ دُونَ أَنْوَاعِ الْمُنَاسَبَاتِ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحَاتِ. وَقَالَ صَاحِبُ جَنَّةِ النَّاظِرِ ": إطْلَاقُ لَفْظِ الْعَيْنِ هُنَا تَجَوُّزٌ، لِأَنَّ الْأَعْيَانَ هِيَ الْمُشَخَّصَاتُ، وَهِيَ لَا تَقْبَلُ التَّعْدَادَ لِيُمْكِنَ وُجُودُهَا فِي مَحَلَّيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِالْعَيْنِ هَاهُنَا مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْجِنْسِ، كَالنَّوْعِ وَالصِّنْفِ.

الثَّانِي: [الْمُلَائِمُ] : وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّارِعُ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِ النَّصِّ، لَا بِنَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ. سُمِّيَ مُلَائِمًا لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِمَا اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ. وَهَذِهِ الْمَرْتَبَةُ دُونَ مَا قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ عَنْهَا لِبُعْدِ مَرْتَبَةِ النَّوْعِ بِدَرَجَةٍ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمَرْتَبَةُ لَهُ أَمْكَنَ الْمُزَاحَمَةُ، كَتَعْلِيلِ الْوَصْفِ بِعَيْنِهِ، وَإِذَا كَثُرَ الْمُزَاحِمُ ضَعْفُ الظَّنُّ.

الثَّالِثُ: [الْغَرِيبُ] : وَهُوَ أَنْ يَعْتَبِرَ عَيْنَهُ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، فَتَرَتُّبُ الْحُكْمِ وَفْقَ الْوَصْفِ فَقَطْ، وَلَا يُعْتَبَرُ عَيْنُ الْوَصْفِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، وَلَا عَيْنُهُ وَلَا جِنْسُهُ فِي جِنْسِهِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، كَالْإِسْكَارِ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، فَإِنَّهُ اُعْتُبِرَ عَيْنُ الْإِسْكَارِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ بِتَرْتِيبِ التَّحْرِيمِ عَلَى الْإِسْكَارِ فَقَطْ، وَمَنَعَ السُّهْرَوَرْدِيّ فِي التَّنْقِيحَاتِ وُجُودَ الْمُنَاسِبِ الْغَرِيبِ وَرَدَّ أَمْثِلَتَهُ إلَى الْمُلَائِمِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ فِي شِفَاءِ الْعَلِيلِ " وَقَالَ: قَلَّمَا يُوجَدُ فِي الشَّرْعِ اعْتِبَارُ مَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ إلَّا وَلِلشَّرْعِ الْتِفَاتٌ إلَى جِنْسِهَا، وَعَلَى الْأُصُولِيِّ التَّقْسِيمُ، وَعَلَى الْفَقِيهِ الْأَمْثِلَةُ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ: هَذَا لَا يَحْسُنُ جَعْلُهُ قِسْمًا بِرَأْسِهِ، بَلْ إنْ شَهِدَ لَهُ أَصْلٌ بِعَيْنِهِ دَخَلَ فِيمَا سَبَقَ، وَإِلَّا كَانَ مُرْسَلًا. وَمَثَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِنَظَرِ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي التَّفْضِيلِ فِي الْعَطَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>