وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ: إذَا ظَهَرَتْ الْمَعَانِي فَيَبْعُدُ أَنْ لَا يُوجَدَ لَهُ نَظِيرٌ وَلَا مَدَارٌ، بَلْ لَا يَكَادُ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ يَنْفَكُّ عَنْ نَظَرٍ بِحَالٍ. وَقَدْ قُلْت أَمْثِلَةَ الْغَرِيبِ، وَمِنْهَا تَوْرِيثُ الْمَبْتُوتَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، إلْحَاقًا بِالْقَاتِلِ الْمَمْنُوعُ مِنْ الْمِيرَاثِ، تَعْلِيلًا بِالْمُعَارَضَةِ بِنَقِيضِ الْقَصْدِ، فَإِنَّ الْمُنَاسَبَةَ ظَاهِرَةٌ. لَكِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لَمْ يُعْهَدْ اعْتِبَارُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْخَاصِّ، فَكَانَ غَرِيبًا لِذَلِكَ. هَكَذَا قَالَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ: ثُمَّ اخْتَارَ تَفْصِيلًا، وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيه مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْغَرِيبَ إذَا ظَهَرَ فِيهِ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ اُعْتُبِرَ، كَالْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ، وَبَيْنَ أَنْ لَا يَظْهَرَ - وَهِيَ الْعِبَادَاتُ - قَالَ: فَلَا تَعْلِيلَ بِهَا، كَالْمَعَانِي الْغَرِيبَةِ وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً، لِأَنَّا لَمْ نَعْتَمِدْ عَلَى نَفْسِ الْمَعْنَى، بِخِلَافِ الْمُعَامَلَاتِ. هَذَا كُلُّهُ فِيمَا اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ. فَإِنْ لَمْ يَعْتَبِرْهُ نُظِرَ: فَإِنْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى إلْغَائِهِ لَمْ يُعَلَّلْ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُرْسَلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَسَّمَهُ إلَى غَرِيبٍ وَمُلَائِمٍ، وَقَبِلَهُ مَالِكٌ مُطْلَقًا، وَصَرَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِقَبُولِهِ أَيْضًا مَعَ تَشْدِيدِهِ الْإِنْكَارَ عَلَى مَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، لَكِنَّهُ شَرَطَ فِي اعْتِبَارِ الْقَطْعِ فِيهِ كَوْنَ الْمَصْلَحَةِ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لِأَصْلِ الْقَوْلِ بِهِ قَالَ: وَالظَّنُّ الْقَرِيبُ مِنْ الْقَطْعِ كَالْقَطْعِ، وَتَابَعَهُ الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ ". وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ مَرْدُودٌ مُطْلَقًا. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى رَدِّ الْمُرْسَلِ غَيْرِ الْمُلَائِمِ الَّذِي لَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ. وَفَصَّلَ قَوْمٌ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي تَرْجِيحِ الْأَقْيِسَةِ وَلَا نَرَى التَّعَلُّقَ بِكُلِّ مَصْلَحَةٍ، وَلَمْ يَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute