للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ لِذَلِكَ الْوَصْفِ تَأْثِيرٌ فِي إثْبَاتِ الْحُكْمِ، كَقَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ: عِبَادَةٌ يُبْطِلُهَا الْحَدَثُ وَتُشَطَّرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّطْرِ بِعُذْرِ السَّفَرِ فِي إثْبَاتِ النِّيَّةِ. وَكَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي مَسِّ الذَّكَرِ: مُعَلَّقٌ مَنْكُوسٌ، فَلَا يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّهِ دَلِيلُهُ الدَّبُّوسُ. أَوْ قَالُوا: طَوِيلٌ مَشْقُوقٌ، فَلَا يَنْتَقِضُ بِمَسِّهِ كَالْقَلَمِ وَالْبُوقِ. قَالَ: وَهَذَا سُخْفٌ يَتَحَاشَى الطِّفْلُ عَنْ ذِكْرِهِ، فَضْلًا عَنْ الْفَقِيهِ. انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: هُوَ الَّذِي لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ وَلَا يُشْعِرُ بِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ وَأَتْبَاعُهُ: هُوَ الْوَصْفُ الَّذِي لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا وَلَا مُسْتَلْزِمًا لِلْمُنَاسِبِ وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ إلَى الطَّرْدِ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ حَاصِلًا مَعَهُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ حُصُولِهِ غَيْرَ صُورَةِ النِّزَاعِ، فَإِنْ حَصَلَ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ كَانَ دَوَرَانًا. قَالَ الْهِنْدِيُّ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِي فِي عِلِّيَّةِ الْوَصْفِ الطَّرْدِيِّ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لَهُ وَلَوْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ حُجَّةً، وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الطَّرْدَ [وَ] الْعَكْسَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، فَفِي كَوْنِ الطَّرْدِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، فَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِحُجِّيَّةِ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي حُجِّيَّةِ الطَّرْدِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ وَقَالَ بِحُجِّيَّتِهِ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. وَالْمُعْتَبَرُونَ مِنْ النُّظَّارِ عَلَى أَنَّ التَّمَسُّكَ بِهِ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْهَذَيَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>