النَّكِرَةِ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا أَيْ، وَهُوَ عَجِيبٌ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْوَصْفِ النَّعْتَ النَّحْوِيَّ فَلَا نَعْتَ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ، إذْ النَّكِرَةُ صِلَةٌ أَوْ شَرْطٌ، لِأَنَّ أَيًّا هُنَا مَوْصُولَةٌ أَوْ شَرْطِيَّةٌ بِاتِّفَاقِ النُّحَاةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْوَصْفَ الْمَعْنَوِيَّ فَأَيُّ مَوْصُوفٍ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وُصِفَ فِي الْأُولَى بِالضَّارِبِيَّةِ لِلْمُخَاطَبِ، وُصِفَ فِي الثَّانِيَةِ بالمضروبية لَهُ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ وَصْفٌ، وَالثَّانِيَ قَطْعٌ عَنْ الْوَصْفِ تَحَكُّمٌ، إلَّا أَنَّ يَوْمًا فِي قَوْلِكَ: لَا أَقْرَبُكُمَا الْيَوْمَ، أَقْرَبُكُمَا فِيهِ عَامٌّ بِعُمُومِ الْوَصْفِ، مَعَ أَنَّهُ مُسْنَدٌ إلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ.
وَأَجَابَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ بِأَنَّ الضَّرْبَ قَائِمٌ بِالضَّارِبِ، فَلَا يَقُومُ بِالْمَضْرُوبِ لِامْتِنَاعِ قِيَامِ الْوَصْفِ الْوَاحِدِ بِشَخْصَيْنِ، بِخِلَافِ الزَّمَانِ فَإِنَّ الْفِعْلَ مُتَّصِلٌ بِهِ حَقِيقَةً، فَيَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ الْيَوْمُ عَامًّا بِهِ، وَأَيْضًا " الْمَفْعُولُ بِهِ " فَضْلَةٌ ثَبَتَ ضَرُورَةً، فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ بِخِلَافِ الْمَفْعُولِ فِيهِ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ، وَقَصَدَ وَصْفَهُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الضَّرْبَ صِفَةٌ إضَافِيَّةٌ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْفَاعِلِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَصْفٌ لَهُ، وَتَعَلُّقٌ بِالْمَفْعُولِ بِهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ وَصْفٌ لَهُ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي قِيَامِ الْإِضَافَاتِ بِالْمُضَافَيْنِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ يَحْتَاجُ إلَى الْمَفْعُولِ فِي التَّعَقُّلِ وَالْوُجُودِ جَمِيعًا، وَإِلَى الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي الْوُجُودِ فَقَطْ، فَاتِّصَالُهُ بِالْأَوَّلِ أَشَدُّ، وَأَثَرُ الْمَفْعُولِ بِهِ هَاهُنَا إنَّمَا هُوَ فِي رَبْطِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ لَا فِي التَّعْمِيمِ، وَكَوْنُهُ ضَرُورِيًّا لَا يُنَافِي الرَّبْطَ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْفَاعِلُ أَيْضًا الضَّرُورَةُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ فَضْلَةٍ لَا يُنَافِي الضَّرُورَةَ بَلْ يُؤَكِّدُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute