الْعُمُومَ مِنْ إلْحَاقِ الْوَصْفِ الْعَامِّ بِهَذَا.
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: ٢٢١] لِأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١] فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْعِلَّةُ عَامًّا لَمَا صَحَّ التَّعْلِيلُ، وَكَذَا {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [البقرة: ٢٦٣] قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِالْوَصْفِ الْمَعْنَوِيُّ، لَا النَّعْتُ النَّحْوِيُّ، لِأَنَّ الْكَلِمَةَ النَّكِرَةَ قَدْ تَكُونُ خَبَرًا أَوْ صِلَةً أَوْ شَرْطًا، وَقَدْ صَرَّحُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الكهف: ٧] أَنَّهَا نَكِرَةٌ وُصِفَتْ بِحُسْنِ الْعَمَلِ، وَهُوَ عَامٌّ فَعَمَّتْ لِذَلِكَ، وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّهَا مُبْتَدَأٌ، وَأَحْسَنُ عَمَلًا خَبَرُهُ.
وَقَدْ رُدَّ عَلَيْهِمْ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ " أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَأُكَلِّمَنَّ رَجُلًا كُوفِيًّا بَرَّ بِوَاحِدٍ، وَلَوْ اقْتَضَى الْوَصْفُ الْعُمُومَ كَمَا قَالُوهُ لَمَا بَرَّ إلَّا بِالْجَمِيعِ، وَلِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ لِلتَّعْمِيمِ؛ بَلْ لِبَيَانِ الْمُرَادِ بِالنَّكِرَةِ، فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِيهَا أَمْرَانِ: النَّوْعُ، وَالْوَحْدَةُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُذْكَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ، فَيُرَادُ بِهِ النَّوْعُ، وَفِي مُقَابَلَةِ الرَّجُلَيْنِ فَيُفِيدُ الْوَحْدَةَ مَعَ النَّوْعِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَعَمُّ مِنْ الْكُوفِيِّ وَغَيْرِهِ فَإِذَا قَالَ: كُوفِيًّا، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلْوَحْدَةِ، فَلَا يُكَلِّمُ إلَّا وَاحِدًا كُوفِيًّا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا لِلنَّوْعِ فَلَا يُكَلِّمُ إلَّا النَّوْعَ الْكُوفِيَّ فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا اتَّبَعَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى الْوَحْدَةِ، وَيَحْنَثُ بِالِاثْنَيْنِ.
وَقَدْ فَرَّعُوا عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ فِي: أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَكَ فَهُوَ حُرٌّ، فَضَرَبُوهُ جَمِيعًا عَتَقُوا، وَأَيُّ عَبْدِي ضَرَبْتَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَضَرَبَهُمْ جَمِيعًا لَا يُعْتَقُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ وُصِفَ فِي الْأَوَّلِ بِالضَّرْبِ، وَهُوَ عَامٌّ، وَفِي الثَّانِي قُطِعَ عَنْ الْوَصْفِ، لِأَنَّ الضَّرْبَ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى الْمُخَاطَبِ لَا إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute