وَمِنْهَا: فِي الْأَمْرِ لِلْعُمُومِ، وَنَسَبَهُ فِي الْمَحْصُولِ " لِلْأَكْثَرِينَ، نَحْوُ أُعْتِقُ رَقَبَةً، وَإِلَّا لَمَا خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِأَيِّ إعْتَاقٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَالَ: هَذَا الدَّلِيلُ بِعَيْنِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْعُمُومِ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلْعُمُومِ لَمَا خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِإِعْتَاقِ رِقَابِ الدُّنْيَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] حَيْثُ يَجِبُ قَتْلُ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ. وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَعُمُّ، وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: إذَا قَالَ الْحَكِيمُ: اُقْتُلْ مُشْرِكًا لَمْ يُعْقَلْ مِنْهُ إلَّا قَتْلُ مُشْرِكٍ مَا، قَالَ: يَجِبُ الْوَقْفُ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِهِ الْبَيَانُ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْمُشْرِكَ الَّذِي صِفَتُهُ كَذَا، فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ، وَقِيلَ: إذَا حُمِلَ عَلَى الْجِنْسِ خُصَّ، وَوُقِفَ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ، وَلَوْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى التَّقْيِيدِ لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا وَلَا مُخَصَّصًا، وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي عُمُومِ النَّكِرَةِ فِي الْإِنْشَاءِ لَفْظِيٌّ، لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْعُمُومِ لَا يُرِيدُ شُمُولَ الْحُكْمِ لِكُلِّ فَرْدٍ، حَتَّى يَجِبَ فِي مِثْلِ: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] ، ذَبْحُ كُلِّ بَقَرَةٍ. وَفِي مِثْلِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] ، تَحْرِيرُ كُلِّ رَقَبَةٍ بَلْ الْمُرَادُ ذَبْحُ أَيِّ بَقَرَةٍ كَانَتْ، وَعِتْقُ أَيِّ رَقَبَةٍ كَانَتْ، فَإِنْ سُمِّيَ مِثْلُ هَذَا عَامًّا فَبِاعْتِبَارِ أَنَّ تَصَوُّرَهُ لَا يَمْنَعُ الشَّرِكَةَ فِيهِ؛ وَإِنْ جُعِلَ مُسْتَغْرِقًا فَكُلُّ نَكِرَةٍ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا جِهَةَ لِلْعُمُومِ.
وَمِنْهَا: قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: قَدْ تَعَرَّضَتْ النَّكِرَةُ لِلْعُمُومِ، فِيمَا إذَا وُصِفَتْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ مَعْرِفَةً، لِأَنَّ الْوَصْفَ مِنْ التَّعْرِيفِ بِمَنْزِلَةِ اللَّامِ فِي اسْمِ الْجِنْسِ، وَمَثَّلُوهُ بِقَوْلِهِمْ: لَا أُكَلِّمُ إلَّا رَجُلًا كُوفِيًّا، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُكَلِّمَ جَمِيعَ الْكُوفِيِّينَ وَلَوْ قَالَ: إلَّا رَجُلًا، فَكَلَّمَ رَجُلَيْنِ حَنِثَ فَعُلِمَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute